الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الأعقم/ الأعقم (ت القرن 9 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَفَّيْنَا عَلَىٰ آثَارِهِم بِعَيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ ٱلتَوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ ٱلإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ ٱلتَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ } * { وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ ٱلإِنْجِيلِ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ } * { وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ ٱلْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَٱحْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ عَمَّا جَآءَكَ مِنَ ٱلْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَىٰ الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } * { وَأَنِ ٱحْكُم بَيْنَهُمْ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ وَٱحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَٱعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلنَّاسِ لَفَاسِقُونَ } * { أَفَحُكْمَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ ٱللَّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ }

{ وقفّينا على آثارهم بعيسى ابن مريم } أي اتبعنا بعيسى ابن مريم على آثار من تقدم ذكره { مصدقاً لما بين يديه من التوراة } أي مصدقاً أنها حق، وقيل: تصديقه العمل بها، قوله تعالى: { وآتيناه الانجيل فيه هدى ونور ومصدقا لما بين يديه } يعني الانجيل مصدق التوراة، قال جار الله: وآتيناه الانجيل يعني أمرناه بأن يحكم أهل الانجيل، وقيل: أن عيسى (صلوات الله عليه) كان متعبداً بما في التوراة من الأحكام لأن الانجيل مواعظ وزواجر فالأحكام فيه قليلة قال: وظاهر قوله تعالى: { وليحكم أهل الانجيل بما أنزل الله فيه } يَرُدَّ ذلك قوله تعالى: { فأولئك هم الفاسقون } الخارجون عن أمر الله تعالى { وأنزلنا إليك } يا محمد الكتاب يعني القرآن من الكتاب أي من الكتب، قوله تعالى: { ومهيمناً عليه } أي رقيباً على سائر الكتب لأنه يشهد لها بالصحة والثبات، وقيل: الأمين، وقيل: الشاهد قال الشاعر:

إن الكتاب مهيمنا لنبينا   والحق تعرفه ذَوُوا الألباب
{ فاحكم بينهم بما أنزل الله } يعني في القرآن { ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق } متبعاً أهواءهم { لكل جعلنا منكم } أيها الناس { شرعة } أي شريعة { ومنهاجاً } طريقاً واضحاً في الدين يجوزون عليه، وقيل: أن هذا دليل على أنا غير متعبدين بشرائع من قبلنا، وقيل: المنهاج السنة { ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة } جماعية متفقة على شريعة واحدة أو ذوي أمة واحدة و ذوي دين واحد لا اختلاف فيه { ولكن ليبلوكم } أي ليختبركم { فيما آتاكم } على جنب الأحوال والأوقات فيما آتاكم من الكتب وبيَّن لكم من الملك { فاستبقوا الخيرات } أي فبادروا بالطاعات وتسارعوا إلى الأعمال الصالحات { إلى الله مرجعكم } قال جار الله: هذا استئناف في معنى التعليل لاستباق الخيرات { فينبئكم } أي يخبركم بما لا تشكون معه من الخبر الفاصل بين محقكم ومبطلكم وعاملكم ومفرطكم في العمل، قوله تعالى: { وأن احكم بينهم بما أنزل الله } الآية نزلت في اليهود وذلك أن كعب بن الأشرف وعبد الله بن صوريا وحيي بن أخطب وجماعة منهم قالوا: اذهبوا بنا إلى محمد لنفتنه عن دينه، فقالوا: يا محمد قد عرفت أنَّا أحبار اليهود، وأنَّا إن اتبعناك اتبعك اليهود كلهم ولم يخالفونا، وإن بيننا وبين أصحابك خصومة فنتحاكم إليك فتقضي لنا عليهم ونحن نؤمن بك ونصدقك، فأبى ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فنزلت الآية، وقوله: { واحذرهم أن يفتنوك } يعني هؤلاء المتقدم ذكرهم أن يضلوك، وقيل: يصدوك عن الحكم، وقيل: يضلوك بالكذب على التوراة بما ليس فيها، وقيل: واحذرهم أن يزلوك عن بعض أحكام الله تعالى { فإن تولوا } أعرضوا عن الايمان والحكم بالقرآن ولم يقبلوا { فاعلم إنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم } قال جار الله: بذنب التولي عن حكم الله تعالى، وقيل: يعاقبهم ببعض إجرامهم { وإن كثيراً من الناس لفاسقون } لخارجون عن أمر الله تعالى { أفحكم الجاهلية يبغون } يعني هؤلاء المتقدم ذكرهم، وذلك أنهم كانوا إذا وجب الحق على ضعفائهم ألزموهم ذلك وإن وجب على أغنيائهم لم يلزموهم، وقيل لهم أفحكم عبدة الأوثان تطلبون وأنتم أهل الكتاب، وقيل: أن بني قريظة والنضير طلبوا إليه أن يحكم بما كان يحكم به أهل الجاهلية من التفاضل بين القتلى، وعن الحسن: هو عام في كل من يبتغي غير حكم الله تعالى، والحكم حكمان: حكم بعلم وهو حكم الله تعالى، وحكم بجهل وهو حكم الشيطان { ومن أحسن من الله حكماً } أي لا أحد حكم أحسن من حكم الله تعالى { لقوم يوقنون } أي يصدقون.