{ يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى } آدم وحواء، وقيل: خلقنا كل منكم من أب وأم { وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا } لا للتفاخر وذلك أنه لولا الأنساب لما عرف الناس وإنما يعرف زيد بن زيد بالنسب، واختلفوا في الشعوب والقبائل، فقيل: الشعوب النسب الأبعد كمضر وربيعة والأوس والخزرج، والقبائل الأقرب كبني هاشم، وبني أمية وتميم، وقيل: الشعوب أعمّ والقبائل أخص، وقيل: الشعوب دون القبائل سموا بذلك لتشعبها وتعرمها، وقيل: الشعوب من العجم والقبائل من العرب { إن أكرمكم عند الله أتقاكم } وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " من سره أن يكون أكرم الناس فليتق الله " { قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإِيمان في قلوبكم } الآية نزلت في نفر من بني اسرائيل وبني خزيمة قدموا المدينة في سنة جدب وأظهروا الإِسلام ولم يكونوا مؤمنين في السر، وقيل: نزلت في قوم من المنافقين استسلموا خوف السيف والقتل { ولما يدخل الإِيمان في قلوبكم } يعني يظهر دون ما ليس في قلوبكم فبيّن أنهم منافقون { وإن تطيعوا الله ورسوله } ظاهراً وباطناً { لا يلتكم } لا ينقصكم { من أعمالكم شيئاً إن الله غفور } يغفر الذنوب { رحيم } لا ينقص من ثوابكم شيئاً { إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا } أي لم يشكوا في شيء من أمور الدين { وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله } أي في دينه { أولئك هم الصادقون } في قولهم: انا مؤمنون { قل أتعلّمون الله } الذي تعتقدون، هو استفهام والمراد الإِنكار والتقريع، أي كيف تعلمون الله { بدينكم } وتحلفون في ضمائركم خلاف ذلك وهو يعلم ما في الضمائر من النفاق { والله يعلم ما في السماوات وما في الأرض والله بكل شيء عليم } { يمنّون عليك أن أسلموا } أي يعدون إسلامهم نعمة على الرسول ويتوهمون أنهم نفعوك به حيث قالوا آمنا وأسلمنا وهاجرنا وفعلنا { قل } يا محمد { لا تمنّوا عليّ إسلامكم } فإن نفعه يعود عليكم { بل الله يمنّ عليكم أن هداكم للإِيمان } يعني أنعم عليكم أكثر حيث هداكم وأمركم فأراح عليكم ووفقكم { إن كنتم صادقين } في أنكم مؤمنين به { إن الله يعلم غيب السماوات والأرض والله بصير بما تعملون } أي عالم بأعمالكم وبالمحق والمبطل فيجازي كل أحد بما يستحقه ولا ينقصه ما يجب له.