{ وهو الذي ينزّل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته } لجميع خلقه { وهو الولي } ، قيل: الذي يتولى تدبير عباده، وقيل: الولي المالك للعباد { الحميد } المحمود { ومن آياته خلق السماوات والأرض } أحدثهما كما يشاء { وما بثّ فيهما من دابة } وهو ما يدب من الحيوانات { وهو على جمعهم } يوم الحشر { إذا يشاء قدير } { وما أصابتكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم } من الأجرام، واختلفوا في المصائب، قيل: القحط والمرض وما أشبهه، وقيل: ما يصيب الكفار من الحدث من المسلمين، وقيل: العقوبات، وقيل: هو عام في كل المصائب، وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " ما من اختلاج عرق ولا خدش عود ونكتة حجر إلا بذنب وما يعفو الله أكثر " وعن عكرمة: ما من نكتة أصابت عبداً إلاَّ بذنب لم يكن الله ليغفر له إلا بها، ودرجة لم يكن ليبلغها إلا بها، وقيل: المصائب يجوز أن تكون عقوبة للدنيا كالحدود ولذلك امتحن الأنبياء بالمصائب ولم تكن عقوبة { ويعفو عن كثير } أي ولا يؤاخذهم بكثير من أفعالهم بل يعفو عنها، وقيل: لولا العفو لهلك العالم لأن الذنب موجبه ولكن الله يعفوا أما بالتوبة أو بالطاعات، وعن علي (عليه السلام): " من عفى في الدنيا عفى الله عنه في الآخرة " ، وعنه: " هذه أرجى آية في القرآن " { وما أنتم بمعجزين في الأرض } بفائتين ما قضى عليكم من المصائب { وما لكم من دون الله من ولي } يلي أمركم { ولا نصير } ينجيكم من عذابه { ومن آياته الجوار في البحر } يعني السفن { كالأعلام } ، قيل: كالجبال تجريها الرياح { إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد } يعني السفن { على ظهره } ، قيل: على ظهر الماء { إن في ذلك } في ذكره خزائن والسفينة { لآيات لكل صبّار شكور } كبير الصبر والشكر { أو يوبقهن بما كسبوا } يهلكهن، يعني السفن بالغرق إما بحبس الريح فلا تجري السفن أو يهلكها بالغرق بما عملوا من المعاصي فيهلكهم عقوبة لهم { ويعف عن كثير } من معاصيهم فلا يهلكهم إمهالاً ورحمة { ويعلم الذين يجادلون } أي يعلم الذين يخاصمون بالباطل في رد آيات الله { ما لهم من محيص } أي ملجأ قيل: إذا سكن البحر وركدت السفن علم المجادل أنه لا محيص { فما أوتيتم } أعطيتم { من شيء } من نعم الدنيا تبتغون بها عاجلاً { فمتاع الحياة الدنيا } أي منافع الدنيا { وما عند الله خير وأبقى } من ملاذ الدنيا لأنها باقية وهذه فانية { خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون } يفوضون أمرهم إليه { والذين يجتنبون كبائر الاثم } هو الشرك { وإذا ما غضبوا هم يغفرون } أي هم الأحقاء بالغفران في حال الغضب، أي يتجاوزون، وقد تقدم الكلام في الكبائر، ومتى قيل: لم أضاف الكبائر إلى الإِثم؟ قالوا: لوجهين: أحدهما أن الإِثم صغيراً أو كبيراً عن أبي علي، وثانيهما ما يكون الإِثم كله كبائر فيكون بمنزلة اضافة الصفة إلى الموصوف { والفواحش } كل قبيح، وقيل: الزنا { والذين استجابوا لربهم } أي أجابوا فيما دعاهم إليه من الدين { وأقاموا الصلاة } في أوقاتها { وأمرهم شورى بينهم } أي لا يعلمون إلا المشاورة أهل الدين { ومما رزقناهم ينفقون } مما أعطيناهم في وجوه البر { والذين إذا أصابهم البغي } لا يستسلمون بل يتناصرون ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وقيل: يتناصرون ممن يبغي عليهم من غير أن يعتدوا، ومتى قيل: أليس وصفوا في الآية الأولى بأنهم يغفرون؟ قالوا: ذلك في حقوق لا قصاص، وقيل: ذلك في حقوق نفسه كالأموال والحقوق وهذا في حقوق الله يفعله على سبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقيل: إذا غضب لدينه انتصر وإذا غضب لدنياه أو في حق نفسه غفر.