{ وكذلك أوحينا إليك } أي كما أوحينا إلى الرسل أوحينا إليك { قرآناً عربياً } بلغة العرب { لتنذر أم القرى } يعني مكة، وسميت بذلك لأنها أفضل القرى، وقيل: لأنها أول بيت وضع، وأم كل شيء أصله { ومن حولها } أي لتنذر من حول مكة، قيل: المراد به العرب، وقيل: أراد به سائر الناس { وتنذر يوم الجمع } وهو يوم القيامة، وقيل: الإِنذار يوم الجمع إنذار بالفضيحة الذي تظهر { لا ريب فيه } أي لا شك { فريق في الجنة وفريق في السعير } وهو النار، وفي الجنة الأنبياء والمؤمنون وفي النار الكفار والفاسقون { ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة } ، قيل: لو شاء لجعلهم على دين واحد وهو الاسلام بأن يلجئهم اليه وإنما لم يفعل لأنه مزيل للتكليف وإنما التكليف والثواب والعقاب مع الاختيار ولو فعل ذلك لبطل الفرض، وقيل: لو شاء لجعل الفريقين فرقة واحدة بأن يجعلهم في الجنة لفعل ولكن اختار لهم أعلى الدرجتين وهو استحقاق الثواب { ولكن يدخل من يشاء في رحمته } وهم المؤمنون { والظالمون ما لهم من ولي } يحفظهم { ولا نصير } يتولى نصرهم { أم اتخذوا من دونه أولياء } هذا استفهام، والمراد الإِنكار أي لا تتخذوا من دونه أولياء والله هو الولي عن أبي علي { فالله هو الولي } الذي يملك النفع والضر { وهو على كل شيء قدير } { وما اختلفتم فيه من شيء } من أمر الدين والكتاب والرسول فصدق بعضهم وكذب بعضهم والخطاب للأمة، وقيل للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا وقع بينك وبين الكفار خلاف { فحكمه إلى الله } ، قيل: يضاف الصواب إليه بنص الدلالة، وقيل: يحكم للمحق بالثواب والمدح وللمبطل بالعقاب والذم، وقيل: يحكم يوم القيامة ويجازي كل أحد بما يستحقه { ذلكم الله ربي عليه توكّلت } ، قيل: هذا وعيد { وإليه أنيب } أي إلى حكمه المرجع والإِنابة { فاطر السماوات والأرض } أي خالقهما ومبتدئهما { جعل لكم } أي خلق لكم { من أنفسكم أزواجاً } ، قيل: من جنسكم، وقيل: المراد حواء خلقت من ضلع آدم { ومن الأنعام أزواجاً } ذكراً وأنثى { يذرؤكم فيه } أي يخلقكم فيه، قيل: في الرحم، وقيل: في البطن { ليس كمثله شيء } أي ليس مثله شيء فادخل الكاف، والمثل تأكيداً لنفي السنة على التحقيق والتقدير { وهو السميع } العليم بجميع المسموعات { البصير } { له مقاليد السماوات والأرض } ، قيل: جوانبهما وأحدهما اقليد، وقيل: مفاتحهما وإنما هو مفتاح الرزق { يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر } أي يوضع على من يشاء { إنه بكل شيء عليم شرع لكم من الدين } ، قيل: فرض، وقيل: بيَّن { ما وصّى به نوحاً } أي أمر الأنبياء به، وقيل: شرع لعباده من الدين ما تعبَّد به أنبياؤه، واختلفوا في المراد بالدين قيل: التوحيد والعدل فإن ذلك لا يختلف، وقيل: أراد الإِقرار بالله والطاعة له، والقيام بعبادته وشكره على نعمه، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، ما وصى به نوحاً (عليه السلام) { والذي أوحينا إليك } ثم فسره فقال: { أن أقيموا الدين } وإقامته اعتقاده والعمل به { ولا تتفرقوا فيه } ، قيل: لا تتفرقوا في الدين فتعتقد كل طائفة شيئاً فإن الحق واحد { كبر على المشركين ما تدعوهم إليه } أي عظم عليهم ما دعوتموهم اليه من توحيد الله وخلع الأنداد { الله يجتبي } من رسله إليه أي ليس اليهم الاختيار لأن الله { يجتبي } لرسالته { من يشاء } واختارك كما اختار موسى ومن قبله ومن بعده من الأنبياء { ويهدي إليه من ينيب } أي من يرجع إلى ربه في إخلاص دينه.