{ الله الذي جعل لكم الأنعام } أي خلقها لمنافعكم { لتركبوا منها ومنها تأكلون } يعني بعضها للركوب والأكل كالإِبل والبقر، وبعضها للأكل كالأغنام، وقيل: الأنعام الإِبل وحدها، وقيل: الأصناف الثمانية وهو الوجه قاله الحاكم { ولكم فيها منافع } في أصوافها وأوبارها وأشعارها وألبانها { ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم } أي في الأسفار تحمل عليها الأثقال وتركب وتبلغ المقاصد { وعليها وعلى الفلك تحملون } يعني الأنعام في البر وعلى الفلك في البحر { ويريكم آياته فأي آيات الله تنكرون } لأن جميعها دالة على توحيده وعدله، ثم وعظهم بذكر الأمم الماضية تسلية له ووعدٌ له ودعا إلى الإيمان فقال سبحانه: { أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أكثر منهم } عدداً { وأشد قوة } في أنفسهم وأعوانهم { وآثاراً في الأرض } في اتخاذ الأبنية والمنازل والقصور واستخراج الكنوز { فينظروا } إلى آثارهم فيعتبروا بذلك لأنهم تعالوا وتركوا جميع ذلك { فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون } أي لم ينفعهم كسبهم { فلما جاءتهم رسلهم بالبينات } يعني الأمم والبينات الحجج { فرحوا بما عندهم من العلم } ، قيل: نحن أعلم منهم لا نبعث ولا نعذب، وقيل: رضوا بالشرك الذي كانوا عليه، يعني أعجبوا به وظنوا أنه علم، وقيل: فرحوا بما عندهم من الجاه والمال والرئاسة وبطروا، ويدل على ذلك قوله: { وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون } ، وقيل: يجعل الفرح للرسل، ومعناه أن الرسل لما رأوا جهلهم والتمادي واستهزاءهم بالحق وعلموا سوء عاقبتهم وما يلحقهم من العقوبة على جهلهم واستهزائهم فرحوا بما أوتوا من العلم وشكروا لله عليه، وحاق بالكافرين جزاء جهلهم واستهزائهم، وحاق بهم أي حلّ بهم ونزل، وقيل: وجب ما كانوا به يستهزئون من العذاب { فلما رأوا بأسنا } عذابنا { قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين } من الأصنام { فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا } أي لم ينفعهم الإِيمان بعد رؤية العذاب { سنّة الله } أي طريقته { التي قد خلت في عباده } يعني في عذاب الكفار، وقيل: في قبول التوبة لأنه لا يقبلها إلا من المختار دون الملجأ { وخسر هنالك الكافرون } أي خسر فارق مجيء أمر الله أو وقت القضاء بالحق.