الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الأعقم/ الأعقم (ت القرن 9 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ جَآءَكُـمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِٱلْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَآءَكُـمْ بِهِ حَتَّىٰ إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ ٱللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولاً كَذَلِكَ يُضِلُّ ٱللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ } * { ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِندَ ٱللَّهِ وَعِندَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُـلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ } * { وَقَالَ فَرْعَوْنُ يٰهَامَانُ ٱبْنِ لِي صَرْحاً لَّعَـلِّيۤ أَبْلُغُ ٱلأَسْبَابَ } * { أَسْبَابَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ فَأَطَّلِعَ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِباً وَكَـذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوۤءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَمَا كَـيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاَّ فِي تَبَابٍ } * { وَقَالَ ٱلَّذِيۤ آمَنَ يٰقَوْمِ ٱتَّبِعُونِ أَهْدِكُـمْ سَبِيـلَ ٱلرَّشَـادِ } * { يٰقَوْمِ إِنَّمَا هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ ٱلآخِرَةَ هِيَ دَارُ ٱلْقَـرَارِ }

{ ولقد جاءكم يوسف } يعني يوسف بن يعقوب { من قبل بالبينات } أي بالحجج والمعجزات، أي قبل موسى، وقيل: من قبل المؤمن، وقيل: هو يوسف بن إبراهيم، وقيل: أن فرعون موسى هو فرعون يوسف عَمّر إلى زمنه، وقيل: هو فرعون آخر وبخهم بأن يوسف أتاهم بالمعجزات فشككتم فيها ولم تزالوا شاكين كافرين { حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولاً } حكماً من عند أنفسكم من غير برهان وتقدمة عزم منكم على تكذيب الرسل، فإذا جاء رسول جحدتم وكذبتم بناء منكم على حكمكم الباطل، وليس قولهم: { لن يبعث الله من بعده رسولاً } تصديق لرسالة يوسف، فكيف وقد شكوا فيها وكفروا بها وإنما هو تكذيب لرسالته من بعده { كذلك } الكاف للتشبيه { يضل الله من هو مسرف } يعني أنهم لما كذبوا الرسل خذلهم الله فضلوا، وإنما فعل ذلك لأن في معلومه أن ليس لهم لطف، وقيل: كذلك يعاقب كل كافر ويضله عن طريق الجنة { مرتاب } شاك في دينه { الذين يجادلون في آيات الله } أي يخاصمون في حججه { بغير سلطان أتاهم } أي بغير حجة أتتهم في ذلك من الله { وعند الذين آمنوا } يعني أنه تعالى يبغض ذلك الفعل اليهم { كذلك يطبع الله } أي هكذا يعاقب والطبع علامة في القلب يتميز به الكافر من المؤمن { على كل قلب متكبر } من عباد الله { جبار } ، قيل: المتجبر الذي يأنف عن قبول الحق، ثم بيَّن تعالى ما أمر به فرعون عند الانقطاع عن الحجة، فقال سبحانه: { وقال فرعون يا هامان } ، قيل: هو وزيره وصاحب أمره { ابن لي صرحاً } ، قيل: قصراً عالياً، وأمره بالصرح لا يخلو من وجهين: أحدهما أن يكون تمويهاً على العوام وليس له أن يتمكن من صعود السماوات، وثانيها أن يكون من جهله اعتقاداً منه أنه يقدر على بلوغ السماء، وفيه على كل حال جهل، قال الحسن: إنما قال ذلك تمويهاً وكذباً وهو يعلم أن له إلهاً { لعلي أبلغ الأسباب } { أسباب السماوات } ، قيل: منازل السماوات، وقيل: أبوابها { فاطلع إلى إله موسى } أي أنظر إليه فأراه { وإني لأظنه كاذباً } يعني أظن موسى يكذب فيما يقول له آلهاً غيري { وكذلك } أي هكذا { زيّن لفرعون سوء عمله } ، قيل: زين له نفسه سوء عمله، وقيل: زينه قومه وأتباعه، وقيل: شياطين الإِنس والجن { وصدّ عن السبيل } ضيّع عن طريق الحق { وما كيد فرعون } أي مكره وحيلته { إلاَّ في تباب } أي في خسران، وقيل: في هلاك { وقال الذي آمن } يعني مؤمن آل فرعون عن الحسن ومجاهد، وقيل: هو موسى عن أبي علي { يا قوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد } طريق الحق، وقيل: طريق الثواب { يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع } فيتمتع بها كل أحد ثم ينقطع { وإن الآخرة هي دار القرار } ، قيل: استقرت الجنة بأهلها والنار بأهلها والقرار المحل الذي يستقر فيه الإِنسان.