الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الأعقم/ الأعقم (ت القرن 9 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ جَآءُوكَ فَٱسْتَغْفَرُواْ ٱللَّهَ وَٱسْتَغْفَرَ لَهُمُ ٱلرَّسُولُ لَوَجَدُواْ ٱللَّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً } * { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً } * { وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ ٱقْتُلُوۤاْ أَنْفُسَكُمْ أَوِ ٱخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُمْ مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً } * { وَإِذاً لأَتَيْنَٰهُم مِّن لَّدُنَّـآ أَجْراً عَظِيماً } * { وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً }

{ وما أرسلنا من رسول } قط { إلا ليطاع بإذن الله } سبب إذن الله في طاعته وبأنه أمراً للمبعوث إليهم بأن يطيعوه ويتبعوه { ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك } قيل: " إن قوماً من المنافقين ائتمروا على مكيدة لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأتاه جبريل فأخبره فقال: ان قوماً دخلوا يريدون أمراً لا ينالوه فليقوموا فليستغفروا الله حتى نستغفر لهم فلم يقوموا فقال: ألا تقومون؟ فلم يفعلوا، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): " قم يا فلان " حتى عد اثني عشر رجلاً فقاموا وقال: " إخرجوا عنِّي " قال جار الله: { ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم } بالتحاكم إلى الطاغوت { جاؤوك } تائبين من النفاق { فاستغفروا الله } من ذلك بالاخلاص وبالغوا في الاعتذار إليك من إيذائك برد قضائك حتى انتصبت شفيعاً لهم إلى الله ومستغفراً { لوجدوا الله توَّاباً } أي فتاب عليهم { فلا وربك } معناه فوربك كقوله: فوربك لنسألنهم ولا مزيد للتأكيد معناه القَسَم، وقيل: معناه فلا وربك أي خالقك ورازقك يا محمد وهي قسَم { لا يؤمنون } أي لا يكونوا مؤمنين بنبوَّتك { حتى يحكموك } يجعلوك حكماً أي يقرون أن الحكم إليك { فيما شجر بينهم } فيما اختلط من أمورهم وفيما اختلفوا فيه من المنازعات، والآية نزلت في اليهودي والمنافق الذين قالوا: يحتكمون إلى الطاغوت { ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً } إذا حكمت بينهم لا يجدون في قلوبهم ضيقاً، وقيل: شكَّاً { ويسلموا تسليماً } وينقادون يذعنون لما تأتي به من قضائك لا يعارضونه بشيء، قال جار الله: سلم لأمر الله وأسلم له حقيقةً سلم نفسه له وأسلمها إذا جعلها سالمة له خالِصَةً وتسليماً تأكيداً للفعل بمنزلة تكرير كأنه قيل: تنقادون لحكمه انقياداً لا شبهة فيه بظاهرهم وباطنهم، وقيل: نزلت في شأن المنافق واليهودي، وقيل: " في شأن الزبير وحاطب بن أبي بلتعة حين اختصما إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في سراح من الحرة كانا يسقيان به النخل فقال: " إسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك " فغضب خاطب وقال: لئن كان ابن عمتك فتغير وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم قال: " اسق يا زبير ثم احبس حتى يبلغ الجدار واستوف حقك ثم أرسله إلى جارك " كان على الزبير برأي فيه السعة ولخصمه فلما احفظ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) استوعب الزبير حقه في صريح الحكم ثم خرجا إلى المقداد فقال قائل: إن هؤلاء يشهدون به رسول الله ثم يتهمونه في قضاء يقضي بينهم " { ولو أنَّا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم } أي لو أوجبنا عليهم مثل ما أوجبنا على بني إسرائيل من قتل أنفسهم أو خروجهم من ديارهم حتى استتيبوا من عبادة العجل ما فعلوه { إلا } ناس { قليل منهم } وهذا توبيخ عظيم ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به من اتِّباع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبحكمه وطاعته والانقياد لما يراه { لكان خيراً } في عاجلهم وآجلهم { وأشد تثبيتاً } لإِيمانهم { وإذاً } جواز السؤال مقدر كأنه قيل: وماذا يكون لهم بعد التثبت، فقيل: { وإذاً لآتيناهم من لدنا أجراً عظيماً ولهديناهم } وللطفنا بهم ووفقناهم.