الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الأعقم/ الأعقم (ت القرن 9 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْحَقَّ إِنَّمَا ٱلْمَسِيحُ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ ٱللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ ٱنتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا ٱللَّهُ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً } * { لَّن يَسْتَنكِفَ ٱلْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً للَّهِ وَلاَ ٱلْمَلاۤئِكَةُ ٱلْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعاً } * { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزيدُهُمْ مِّن فَضْلِهِ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسْتَنكَفُواْ وَٱسْتَكْبَرُواْ فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَلاَ يَجِدُونَ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً } * { يَا أَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَكُمْ بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَآ إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً } * { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَٱعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً }

{ يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم } الآية نزلت في النصارى واليهود وذلك ان اليهود غلت في حظ المسيح عن منزلته حيث جعلته مولوداً لغير رشده وغلت النصارى في رفعته حيث جعلوه إلهاً { وكلمته ألقاها إلى مريم } أوصلها { وروح منه } سمي روح لأنه أوجده بكلمة الله من غير أب { ولا تقولوا ثلاثة } قال جار الله: فإن صحَّت الرواية عنهم أنهم يقولون هو جوهر واحدٌ ثلاثة أقانيم أقنوم الأب وأقنوم الإِبن وأقنوم روح القدس، وأنهم يريدون بأقنوم الأب الذات، وبأقنوم الابن العلم، وبأقنوم روح القدس الحياة، فتقديره الله ثلاثة وإلا تقديره الآلهة ثلاثة والذي يدل عليه القرآن الصريح منهم بأن الله والمسيح ومريم ثلاثة آلهة وأن المسيح ولد الله ابن مريم ألا ترى إلى قوله:أأنت قلت للناس اتخذوني وأمِّي إلهين من دون الله } [المائدة: 116]وقالت النصارى المسيح ابن الله } وقوله: { سبحانه أن يكون له ولد } حكاية الله أوثق من حكاية غيره { له ما في السموات وما في الأرض } بيان لتنزيه مما نسب إليه يعني أن كل ما فيه خلقه وملكه { وكفى بالله وكيلاً } بأمور خلقه فهو الغني عنهم وهم الفقراء إليه { لن يستنكف المسيح } لن يأنف ولن يذهب { أن يكون عبداً لله ولا الملائكة المقربون } ولا من هو أعلى منه قدراً وأعظم منه خطراً وهم الملائكة الذين حول العرش كجبريل وميكائيل وإسرافيل ومن في طبقتهم " وروي أن وفد نجران قالوا للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لم تعيب صاحبنا؟ قال: " ومن صاحبكم؟ " قالوا: عيسى، قال: " وأي شيء أقول؟ " قالوا: تقول هو عبد الله ورسوله؟ قال: " إنه ليس بعار أن يكون عبد الله " قالوا: بلى " ، فنزلت الآية أي لا يستنكف عيسى من ذلك فلا تستنكفوا له ولا الملائكة المقربون أن يكونوا عباد الله رد على مشركي العرب قولهم: أن الملائكة بنات الله وعلى من قال أنهم آلهة { ومن يستنكف عن عبادته } أي يأنف عن الإقرار بالعبودية { ويستكبر } عن الطاعة { فسيحشرهم إليه } أي يبعثهم ويجمعهم إليه، أي إلى حكمه يوم القيامة { فأما الذين آمنوا } بالله ورسوله { وعملوا الصالحات } أي الطاعات { فيوفيهم } أي يعطيهم تاماً وافياً { أجورهم } جزاء أعمالهم { ويزيدهم من فضله } زيادة نعيم على ما استحقوه ما لا عين رأت ولا أذن سمعت { وأما الذين استنكفوا } عن الإِقرار بالعبودية { واستكبروا } عن العبادة والخضوع { فيعذبهم عذاباً أليماً } وجيعاً { ولا يجدون لهم من دون الله } أي سواه ينجيهم من عذابه { ولياً } أي من يلي أمرهم في الدفع عنه { ولا نصيراً } { يأيها الناس } خطاب لجميع المكلفين { قد جاءكم برهان من ربكم } قيل: البرهان والنور المبين القرآن، وقيل: البرهان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والنور القرآن { وفضل } من ثواب مستحق { ويهديهم إليه } في عبادته { صراطاً مستقيماً } وهو طريق الاسلام والمعنى يوفقهم ويثبتهم.