الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الأعقم/ الأعقم (ت القرن 9 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي ٱلنِّسَآءِ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَٰبِ فِي يَتَٰمَى ٱلنِّسَآءِ ٱلَّٰتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَٱلْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ٱلْوِلْدَٰنِ وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَٰمَىٰ بِٱلْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً } * { وَإِنِ ٱمْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَآ أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَٱلصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ ٱلأنْفُسُ ٱلشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً } * { وَلَن تَسْتَطِيعُوۤاْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ ٱلنِّسَآءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ ٱلْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَٱلْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً } * { وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ ٱللَّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ ٱللَّهُ وَاسِعاً حَكِيماً }

{ يستفتونك في النساء } الآية نزلت في امرأة أوس مات عنها زوجها وعصبته من الأنصار رجلان فأخذ المال فأخبر بذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فنزلت والمراد بالكتاب اللوح المحفوظ، وقيل: القرآن { في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهنّ ما كتب لهنَّ } أي ما فرض لهنَّ من الميراث وكان الرجل منهم يضم اليتيمة إلى نفسه ومالها فإن كانت جميلة تزوجها وأكل المال وإن كانت دميمة عضلها عن التزويج حتى تموت فيرثها { وترغبون أن تنكحوهنَّ } لجمالهن، وقيل: كانوا جاهلية لا يورثون النساء والأطفال، وقيل: كان ذلك في باب الصداق فكان أولياء اليتامى لا يؤتونهنَّ صداقهنَّ { وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً } الآية نزلت في خولة وزوجها سعد بن أبي الربيع أراد أن يطلقها فقالت: لا تطلقني ودعني أقيم على ولدي وأقسم لي في كل شهر عشراً، فقال: إن كان هذا يصلح فهو أحب إليَّ، وقيل: نزلت في السائب وامرأته، والنشوز أن يمنعها نفسه ونفقته { وأحضرت الأنفس الشح } أي جعل حاضراً لها لا يغيب عنها أبداً ولا تنفك عنه يعني أنها مطبوعة عليه، والغرض أن المرأة لا تكاد تسمح والرجل لا يكاد يسمح بقسمه لها، وقيل: الآية نزلت حين أراد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) طلاق سودة فوهبت قسمها لعائشة فتركها { وأن تحسنوا } بالاقامة على نسائكم وإن كرهتموهنَّ وأحببتم غيرهن وتصبروا على ذلك مراعاة لحق الصحبة { وتتقوا } إلى النشوز والإعراض وما يؤدي إلى الأذى والخصومة { فإن الله كان بما تعملون } من الإِحسان { خبيراً } { ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم } ومحال أن تستطيعوا العدول بين النساء والتسوية حتى لا يقع ميل البتة ولا زيادة ولا نقصان فيما يجب لهنَّ فرفع ذلك عنكم بشرط أن تبذلوا فيه وسعكم وطاقتكم لأن تكليف ما لا يطاق داخل في حد الظلموما ربك بظلاَّم للعبيد } [فصلت: 46]، وقيل: معناه أن تعدلوا في المحبة، وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " أنه كان يقسم بين نسائه فيعدل ويقول: " هذا قسمي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما لا أملك " وقيل: إن العدول بينهنَّ أمر صعب بالغ من الصعوبة لأنه يجب أن يسوِّي بينهنَّ في القسمة والنفقة والتعهد والنظر والإِقبال { فلا تميلوا كل الميل } أي لا تميلون عن التسوية فيما تقدرون عليه من النفقة والكسوة والقسم والمعاشرة بالمعروف { فتذروها كالمعلقة } أي كالمسجونة، وفي الحديث عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): " من كان له امرأتان يميل مع أحدهما جاء يوم القيامة وشقه مائل " وقيل: تتقوا الله بالتوبة فيما سلف منكم { وأن تصلحوا } قيل: تصلحوا أعمالكم { وتتقوا } المعاصي، وقيل: تصلحوا بالعدل في الصحبة وتتقوا الله في أمرها، وقيل: تتقوا الله بالتوبة فيما سلف منكم من الميل، وقيل: تصلحوا امر النساء على ما تراضون { فإن الله كان غفوراً رحيماً } يغفر ما سلف منكم { وان يتفرقا } الزوج والزوجة إذا عجز كل واحد عن إيفاء حق صاحبه قحافاً ألاّ يقيما حدود الله فطلقها وخالعها جاز { يغن الله كلا من سعته } أي يغني كل واحد برزقه وأما بزوج هو أصلح لها أو برزق واسع وأما الزوج فإما ان كان يغنيه بزوجة صالحة أو برزق واسع، ومتى قيل: لم شرط تفرقهما في الرزق وهو يرزقهما اجتمعا أو تفرقا؟ فجوابنا لوجهين: أحدهما تسلية لها، الثاني أنه أغنى كل واحد من الزوجين بالآخر فإذا تفرقا فالله تعالى القيم بأمرهما وأمر كل واحد وسمي الطلاق فرقة لأنه ينافي الاجتماع الذي كان قبله.