الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الأعقم/ الأعقم (ت القرن 9 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّآ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ بِمَآ أَرَاكَ ٱللَّهُ وَلاَ تَكُنْ لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً } * { وَٱسْتَغْفِرِ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً } * { وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ ٱلَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً } * { يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَىٰ مِنَ ٱلْقَوْلِ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً } * { هَٰأَنْتُمْ هَـٰؤُلاۤءِ جَٰدَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا فَمَن يُجَٰدِلُ ٱللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ أَمْ مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً } * { وَمَن يَعْمَلْ سُوۤءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ ٱللَّهَ يَجِدِ ٱللَّهَ غَفُوراً رَّحِيماً } * { وَمَن يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَىٰ نَفْسِهِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً } * { وَمَن يَكْسِبْ خَطِيۤئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ ٱحْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً } * { وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَّآئِفَةٌ مِّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً }

{ إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله } الآية نزلت في درع كانت وديعة عند طعيمة بن أبيرق فجحدها، وقيل: أن طعيمة بن أبيرق سرقها ووضعها في وعاء دقيق واشترى الدقيق من مكان سرقته إلى بيته فخاصموه في أمره فمضى بالدرع إلى يهودي فأودعه فطلب عنده فحلف فدعوا اليهودي بالسرقة وشهد جماعة من اليهود أنه أودعها طعيمة وجاء قوم طعيمة يجادلون عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فَهَمَّ بمعاقبة اليهودي فأنزل الله تعالى: { ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم } الآية { بما أراك الله } بما عرفك وأوحى به إليك، وعن عمر: لا يقولن أحدكم قضيت بما أراني الله فإن الله لم يجعل ذلك إلا لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) ولكن لتجتهدوا به { ولا تكن للخائنين خصيماً } ولا تكن لأهل الخائنين مخاصماً يعني لا تخاصم اليهودي لأجل بني ظفر واستغفر الله بما هممت به من عقاب اليهودي يختانون أنفسهم يخونوها بالمعصية كقوله:علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم } [البقرة: 187] قال جار الله: فإن قلت: لِمَ قِيْلَ للخائنين: ويَخْتَانون أنفسهم وكان السارق طعيمة واحدة؟ قلت: لوجهين أحدهما أن بني ظفر شهدوا له بالبراءة ونصروه وكانوا شركاء له في الإِثم، والثاني أنه جمع ليتناول طعيمة وكل من خان خيانته { يستخفون من الناس } يستترون منهم حياء منهم وخوفاً من ضررهم { ولا يستخفون من الله وهو معهم } وهو عالم بهم مطلع عليهم لا يخفى عليه شيء من سرّهم وكفى بهذه الآية ناعتة على الناس ما هم فيه من قلة الحياء والخشية من ربهم { إذ يبيِّتون } يزورون ويديرون وأصله أن يكون بالليل { ما لا يرضى من القول } وهو تدبير طعيمة { ها أنتم هؤلاء جادلتم } خاصمتم عن طعيمة وقومه في الدنيا فمن يخاصم عنهم في الآخرة إذا أخذهم الله بعذابه { أم من يكون عليهم وكيلاً } حافظاً من بأس الله وانتقامه { ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه } قوله سوءاً قبيحاً متعدياً يسوء به غيره كما فعل طعيمة، وقيل: من يعمل سوءاً من ذنب دون الشرك أو يظلم نفسه بالشرك وهذا نعت لطعيمة على الاستغفار والتوبة، وقيل: يظلم نفسه بما يختص به كالحلف الكاذب { ومن يكسب إثماً } أي يعمل ذنباً { فإنما يكسبه على نفسه } يعني وبال فعله يعود عليه { وكان الله عليماً حكيماً } عليماً بِكسبه حكيماً في عقابه، وقيل: عليماً بأفعال عباده حكيماً بقضاءه فيهم، وقيل: عليماً بالظالم والمظلوم، ومن يكسب خطيئة صغيرةً { أو إثماً } كبيرةً، وقيل: يعمل ذنباً على عمد أو غير عمد أو إثماً تعمده، وقيل: الخطيئة الشرك والإِثم ما دون الشرك { ثم يرم به بريئاً } ثم يضف ذنبه إلى بريء قيل: هو اليهودي طرح عليه الدرع ابن ابيرق { فقد احتمل بهتاناً } أي كذباً عظيماً { وإثماً مبيناً } أذىً ظاهراً { ولولا فضل الله عليك ورحمته } أي عصمته وما أوحي إليك من الاطلاع على سرارهم { لهمت طائفة } من بني ظفران { يضلوك } عن القضاء بالحق، وقيل: هم الذين يشهدون للخائنين من بني أبيرق، والآية: نزلت في بني أبيرق، وقيل: هم من بني ظفر لما أتوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وشهدوا ببراءة صاحبهم، وقيل: نزلت في وفد من ثقيف قالوا للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أن يمتعهم بالعزاء سنة فهم يحسون إلى ذلك { وما يضلّون إلا أنفسهم } يعني ما يهلكون إلاَّ أنفسهم لأن وبال ذلك يعود عليهم { وما يضرونك من شيء } لأنك إنما عملت بظاهر الحال وما كان يخطر ببالك أن الحقيقة على خلاف ذلك { وعلَّمك ما لم تكن تعلم } من حقيقات الأمور وضمائر القلوب أو من أمور الدين والشرائع.