الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الأعقم/ الأعقم (ت القرن 9 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَآءَ ٱلَّيلِ سَاجِداً وَقَآئِماً يَحْذَرُ ٱلآخِرَةَ وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي ٱلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } * { قُلْ يٰعِبَادِ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ ٱللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } * { قُلْ إِنِّيۤ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ ٱلدِّينَ } * { وَأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ ٱلْمُسْلِمِينَ } * { قُلْ إِنِّيۤ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } * { قُلِ ٱللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَّهُ دِينِي } * { فَٱعْبُدُواْ مَا شِئْتُمْ مِّن دُونِهِ قُلْ إِنَّ ٱلْخَاسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ أَلاَ ذَلِكَ هُوَ ٱلْخُسْرَانُ ٱلْمُبِينُ } * { لَهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ ٱلنَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ ٱللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يٰعِبَادِ فَٱتَّقُونِ }

{ أمّن هو قانت آناء الليل ساجداً وقائماً } الآية نزلت في عمار بن ياسر، وفيه نزل:هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون } [الزمر: 9] أبو حذيفة بن المغيرة، قانت أي دائم على طاعة الله، وقيل: القنوت قراءة القرآن وقيام الليل، وقوله (عليه السلام): " أفضل الصلاة صلاة القنوت " وهو القيام فيها، ومنه القنوت في الوتر لأنه دعاء المصلي { آناء الليل } ساعته { ساجداً وقائماً يحذر الآخرة } أي عذاب الآخرة { ويرجوا رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون } أي هل يستوي العالم والجاهل، أي كما لا يستوي العالمون والجاهلون كذلك لا يستوي القانتون والعاصون { إنما يتذكر أولو الألباب } أي يستعمل عقله { قل يا عبادِ الذين آمنوا اتقوا ربكم } أي احذروا نقمته في مخالفة أمره { للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة } معناه الذين أحسنوا في هذه الدنيا لهم حسنة في الآخرة وهي دخول الجنة، وقيل: الاحسان على ضربين: إحسان إلى الغير بالانعام عليه والدعاء إلى الدين، وإحسان بأن يطيع الله بما كلّفه، والحسنة على ضربين: في الدنيا بالمدح، وحسنة في الآخرة بالثواب الجزيل { وأرض الله واسعةٌ } أي الدنيا واسعة هاجروا عن دار الشرك حتى إذا اعتلوا بأوطانهم وبلادهم، وإنهم لا يتوفرون على الاحسان قيل لهم: فإن أرض الله واسعة وبلاده كثيرة فلا يحتموا على العجز وتحوّلوا إلى بلاد أخرى واقتدوا بالأنبياء والصالحين في مهاجرتهم إلى غير بلادهم ليزدادوا إحساناً إلى إحسانهم وطاعة إلى طاعتهم، وقيل: هي أرض الجنة فاطلبوها بالأعمال الصالحة { إنما يوفى الصابرون } الذين صبروا على مفارقة أوطانهم وعشائرهم وعلى غيرهما من تجرع الغصص واحتمال البلايا في طاعة وازدياد الخير { أجرهم بغير حساب } لا يحاسبون عليه، وقيل: بغير مكيال وغير ميزان وهذا تمثيل للكثير، وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " تنصب الموازين يوم القيامة فيؤتى بأهل الصلاة فيوفون أجورهم بالموازين، ويؤتى بأهل الزكاة فيوفون أجورهم بالموازين، ويؤتي بأهل الحج فيعطون كذلك، ويؤتى بأهل البلاء فلا ينصب لهم ميزاناً ولا ينشر لهم ديوان حتى يتمنى أهل العافية أن أجسادهم كانت تقصّ بالمقاريض مما يذهب به أهل البلاء من الفضل " { قل إني أمرت } بإخلاص الدين { وأمرت } بذلك لأجل { أن أكون أول المسلمين } أي مقدمهم وسابقهم في الدنيا والآخرة فمن أخلص دينه كان سابقاً لأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أول من خالف دين آبائه { قل إني أخاف إن عَصَيت ربي } فاحذروا أنتم معصيتةِ { عذاب يوم عظيم } { قل الله اعبد مخلصاً له ديني } فلا أعبد معه شيئاً { فاعبدوا ما شئتم من دونه } فستجدون جزاءه { قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم } لوقوعها في الهلكة لا هلكة بعدها { و } خسروا { أهليهم } لأنهم كانوا من أهل النار فقد خسروهم كما خسروا أنفسهم، وإن كانوا من أهل الجنة فقد ذهبوا ذهاباً لا رجوع بعده، وقيل: خسروهم لأنهم لم يدخلوا مدخل المؤمنين الذين لهم أهل في الجنة، يعني وخسروا أهليهم الذين كانوا يكنوا لهم أهلٌ لو آمنوا، ولقد وصف الله خسرانهم بغاية الفظاعة في قوله: { ألا ذلك هو الخسران المبين } { لهم من فوقهم ظلل من النار } سرادقات وأطباق من النار { ومن تحتهم } أطباق من النار { ذلك } يعني العذاب المذكور { يخوف الله به عباده } أي يخوفهم فعل المعاصي { يا عبادِ فاتقون } أي اتقوا معاصي الله.