الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الأعقم/ الأعقم (ت القرن 9 هـ) مصنف و مدقق


{ وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً ومِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ } * { وَسَوَآءُ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤمِنُونَ } * { إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلذِّكْرَ وَخشِيَ ٱلرَّحْمـٰنَ بِٱلْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ } * { إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي ٱلْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِيۤ إِمَامٍ مُّبِينٍ } * { وَٱضْرِبْ لَهُمْ مَّثَلاً أَصْحَابَ ٱلقَرْيَةِ إِذْ جَآءَهَا ٱلْمُرْسَلُونَ } * { إِذْ أَرْسَلْنَآ إِلَيْهِمُ ٱثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوۤاْ إِنَّآ إِلَيْكُمْ مُّرْسَلُونَ }

{ وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً } ، قيل: سداً عن الحق، عن قتادة ومجاهد أي على جهة الذم حكمنا على أنهم بغير حق وبينهم وبين الحق سدَّاً، وقيل: أراد التشبيه أي كان بين أيديهم سداً يمنعهم من الايمان، وقيل: بل هو على حقيقته في القيامة وهو عبارة عن ضيق المكان في النار لا يجدون متقدماً ولا متأخراً { فأغشيناهم فهم لا يبصرون } في النار، وقيل: معناه أنهم وإن انصرفوا عن الإِيمان والقرآن لزمهم ذلك حتى لا يتخلصون عنه { وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون } أي لا ينفع الانذار بهم { إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمان بالغيب } ، قيل: في حال غيبتهم عن الناس، وقيل: ما غاب عنه في أمر الآخرة { فبشِّره } يعني هؤلاء { بمغفرة } من الله { وأجر كريم } أي ثواب خالص { إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا } من الأعمال { وآثارهم } مالهم، وقيل: أعمالهم التي صارت سنَّة بعد حسنا كان أو قبيحاً أو ما خلفوه من الأموال { وكل شيء أحصيناه في إمام مبين } أي كتاب مبين وهو اللوح المحفوظ { واضرب لهم مثلاً أصحاب القرية } يعني خبر القرية التي أهلكها الله تعالى بتكذيب الرسل، والقرية انطاكية { إذ جاءها المرسلون } ، قيل: رسل عيسى، وقيل: هم رسل الله بعثهم إلى القرية، قال الحاكم: وهو الوجه، والذي قال جار الله: أنهم رسل عيسى وقد ذكره أيضاً في الحاكم إلى أهلها بعثهم دعاة إلى الحق وكانوا عبدة أوثان أرسل { اليهم اثنين } ، فلما قربا من المدينة رأيا شيخا يرعى غنيمات له وهو حبيب النجار صاحب يس، فسألهما فأخبراه، فقال: معكما آية؟ فقالا: نشفي المريض ونبرئ الأكمه والأبرص، وكان له ولد مريض سنين فمسحا عليه فقام، فآمن حبيب وفشا الخبر فشفي على أيديهما خلق كثير، ورقى حديثهما إلى الملك فقال لهما الملك: ألكما إله سوى آلهتنا؟ قالا: نعم من أوجدك وآلهتك، فقال: حتى انظر في أمركما وتبعهما الناس فضربوهما، وقتل حبيباً فبعث عيسى شمعون فدخل متنكراً وعاشر حاشية الملك حتى استأنسوا به ورفعوا خبره إلى الملك وأنس به، وقال له ذات يوم: بلغني أنك حبست رجلين هل سمعت ما قالا؟ قال: لا حال بيني وبينهما الغضب، فدعاهما وقال شمعون: من أرسلكما؟ قالا: الله الذي خلق كل شيء وليس له شريك، فقال: صفاه وأوجزا، فقالا: يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، فقال: وما آيتكما؟ قالا: ما تمنى الملك، فدعا بغلام مطموس العينين فدعوا الله حتى انشق له بصر وأخذا بندقتين فوضعاهما في حدقتيه فكانتا مقلتين يُبصِر بهما، فقال له شمعون: أرأيت لو سألت إلهك حتى يصنع مثل هذا فيكون لك وله الشرف؟ فقال: ليس لي عنك سرٌّ ان آلهتنا لا تبصر ولا تسمع ولا تضر ولا تنفع، وكان شمعون يدخل معهم إلى الصنم فيصلي ويتضرع ويحسبونه منهم، ثم قال: ان قدر إلهكما على إحياء ميّتاً آمنا به فدعوا بغلام مات من سبعة أيام فقام وقال: إني دخلت في سبعة أودية من النار وأنا أحذركم ما أنتم فيه فآمنوا، وقال: فتحت أبواب السماء فرأيت شاباً حسن الوجه يشفع لهؤلاء الثلاثة، قال الملك: فعرفتهم قال شمعون: وهذان، فتعجب الملك، فلما رأى شمعون أن كلامه قد أثر فيه نصحه وآمن وآمن قوم بإيمانه، ومن لم يؤمن صاح بهم جبريل فهلكوا، وقوله تعالى: { فعززنا } قوّينا { بثالث } وهو شمعون { فقالوا إنا إليكم مرسلون } يعني الرسل.