{ يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله } أي المحتاجون إليه { والله هو الغني } لا يحتاج إلى شيء { الحميد } المستحق للحمد فله الحمد كثيراً بكرة وأصيلاً { إن يشأ يذهبكم } أي لا يبعد عليه ان يشأ يهلككم { ويأت بخلق جديد } { وما ذلك على الله بعزيز } أي متعزز { ولا تزر وازرة وزر أخرى } أي لا تؤاخذ بذنب أحد { وإن تدع مثقلة } أي حاملة حملاً ثقيلاً { إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى } وإن كان أقرب الناس إليه { إنما تنذر الذين يخشون ربهم } إنما خصّهم لقبولهم وانتفاعهم به وإلا فهو منذر للجميع، ومعنى يخشون يخافون الله تعالى { بالغيب وأقاموا الصلاة } أداموها { ومن تزكّى } قيل: تطهر من المآثم، وقيل: صلح وعمل خيراً { فإنما يتزكى لنفسه } لأن جزاؤه يصل إليه { وإلى الله المصير } المرجع للجزاء { وما يستوي الأعمى والبصير } قيل: الأعمى عن الدين والبصير به، وقيل: المؤمن والكافر { ولا الظلمات ولا النور } ، قيل: هو النور والظلمة بعينها، وقيل: ظلمات الكفر ونور الايمان { ولا الظل ولا الحررو } قيل: الجنة والنار، وقيل: هو مثل للحق والباطل { وما يستوي الأحياء ولا الأموات } قيل: أراد المؤمن والكافر { إن الله يسمع من يشاء } من عباده مواعظ فيتعظ بها وهو من له لطف { وما أنت بمسمع من في القبور } وهم الأموات شبّههم بالأموات حيث لاينتفعُون بما يسمعون { إن أنت إلا نذير } مخوف { إنا أرسلناك بالحق بشيراً } للمؤمنين { ونذيراً } للكافرين { وإن من أمة } من الأمم الماضية { إلا خلا فيها نذير } { وإن يكذبوك } فلا يغمك تكذيبهم إياك { فقد كذّب الذين من قبلهم } من الأمم { جاءتهم رسلهم بالبينات } بالحجج { وبالزبر } بالكتب { وبالكتاب المنير } الواضح نحو التوراة والانجيل والزبور { ثم أخذت الذين كفروا } بالعقاب { فكيف كان نكير } { ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء } وهو المطر { فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها } أجناساً من الرمان والتفاح والتين والعنب وغيرهما ما لا يحصر { ومن الجبال } التي خلقها { جدد } طرائق { بيض وحمر مختلف ألوانها } الجبال { وغرابيب سود } أي بعضها أسود كالغراب، يعني ومن الجبال مختلف ألوانه كما قيل ثمرات مختلف ألوانه { ومن الناس والدواب والأنعام } الابل والبقر والغنم { مختلف ألوانه } بيض وسود وحمر وصفر ذلك { كذلك } أي جعلناه مختلفاً كما جعلنا الجبال والثمار مختلفاً وذلك يدل على صانع حكيم مدبر { إنما يخشى الله من عباده العلماء } الذين علموا بصفاته وعدله وتوحيده وما يجوز عليه وما لا يجوز، فعظموه وقدروه قدره وخشوه حق خشيته، ومن ازداد به علماً ازداد منه خوفاً، وفي الحديث: " أعلمكم بالله أشدكم خشية " وقال رجل للشعبي: افتني أيها العالم، فقال: العالم من خشي الله { إن الله عزيز } قادر { غفور } يغفر ذنوب عباده.