{ والله خلقكم من تراب } يعني آدم وهو أبوهم { ثم من نطفة } أي خلق البشر من ماء الرجل والمرأة { ثم جعلكم أزواجاً } أي ذكراً وأنثى { ولا تضع إلا بعلمه } يعني هو العالم بحمله وكيفيته ووضعه { وما يعمر من معمر } قيل: لا حياة لأحد مدة طويلة ولا قصيرة إلا بعلمه، ومعناه ما يعمر من أحد وإنما سماه معمر إنما هو صائر إليه { إلا في كتاب } وصورته أن يكتب في اللوح إن حج فلان أو غزا فعمره أربعون سنة، وإن حج وغزا فعمره ستون سنة، وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " إن الصدقة والصلة يعمران الديار ويزيدان في الأعمار " وعن كعب أنه قال حين طعن عمر: لو أن عمر دعا الله لأخر في أجله، فقيل لكعب: أليس الله قد قال:{ إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون } [يونس: 49]، قال: قد قال الله: { ما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب } ، وعن سعيد بن جبير: يكتب في الصحيفة عمر كذا وكذا سنة، ثم يكتب في أسفل ذلك ذهب يوم ذهب يومان حتى يأتي على آخره، عن قتادة: العمر من بلغ ستين سنة، والمنقوص من عمره من يموت قبل ستين سنة، والكتاب: اللوح، ويجوز أن يريد بكتاب الله علمه أو صحيفة الانسان { وما يستوي البحران } العذب والمالح وهو مثل للمؤمن والكافر، ومن كل واحد منهما { تأكلون لحماً طرياً } وهو السمك { وتستخرجون حليةً } وهو اللؤلؤ والمرجان { وترى الفلك فيه مواخر } أي جواري تشق الماء شقاً { لتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون } هذه النعمة { يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل } وهو إدخال أحدهما في الآخر، قيل: بالزيادة والنقصان، وقيل: بإذهاب أحدهما بالآخر { وسخر الشمس والقمر } يجريا كما يريد { كلّ يجري لأجل مسمى } قيل: لوقت معلوم إلى أن تظهر أشراط الساعة { ذلكم الله ربكم } مدبر هذه الأمور { له الملك } في الدنيا والآخرة { والذين تدعون من دونه } أي يدعونه آلهاً وهو الأصنام { ما يملكون من قطمير } أي لا يقدرون على ذلك على قليل ولا كثير، والقطمير قشر النوى عن ابن عباس { إن تدعوهم } أي تدعو الأوثان { لا يسمعوا دعاءكم } لأنهم جماد { ولو سمعوا ما استجابوا لكم } قيل: هذا على وجه التقدير أي لو أحياهم وأسمعهم ما أجابوا ولا قدروا على معونتهم { ويوم القيامة يكفرون بشرككم } يحيي الله الأصنام يوم القيامة فتتبرأ منهم، يعني من المشركين، وقيل: المراد به الملائكة وكل معبود { ولا ينبئك مثل خبير } قيل: لا يخبرك بالصدق إلا الله لأنه عالم بكل شيء، قال جار الله: ولا يخبرك بالأمر مخبر هو مثل خبير عالم، يريد به أنه المخبر بالأمر وحده هو الذي يخبرك بالحقيقة دون سائر المخبرين.