{ وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن } قيل: إن قريشاً بعثوا إلى رؤساء اليهود فسألوهم عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأنكرت اليهود نبوته وقالوا: لن نؤمن بهذا القرآن فنزلت الآية، وقيل: نزلت في مشركي قريش، وقوله: { لن نؤمن بهذا القرآن } أي لم نصدق أنه من الله وأنه حق { ولا بالذي بين يديه } قيل: من الكتب المنزلة، وقيل: الذي بين يديه الآخرة وما دل عليه البعث والجزاء { ولو ترى } يا محمد { إذ الظالمون } الذين ظلموا أنفسهم بالكفر، وقيل: ظلموا الرسول بالتكذيب، يعني لو ترى حالهم في الآخرة لرأيت العجب { موقوفون عند ربهم } أي محبوسون، ومعنى عند ربهم أي في الموضع الذي يحكم فيه بينهم { يرجع بعضهم إلى بعض القول } يعني يتلاومون ويرد كلّ واحد القول على صاحبه { يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا } للرؤساء والمتبوعين من علماء السوء والقادة { لولا أنتم لكنا مؤمنين } أي لولا مكانكم ودعاءكم إيانا لكنا مؤمنين حين دعوهم إلى الكفر فقبلوا تقليداً، وقيل: بل منعوهم من الايمان بالقهر { قال الذين استكبروا } والمتبوعين مجيبين { للذين استضعفوا } الاتباع { أنحن صددناكم } يعني أنحن منعناكم { عن الهدى } وهو الاسلام { بعد إذ جاءكم } على لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) { بل كنتم مجرمين } كافرين لاختياركم لقولنا { وقال الذين استضعفوا } { بل مكر الليل والنهار } قيل: مكركم في الليل والنهار، أو حملكم إيانا على الشرك واتخاذكم الانداد، ثم بيَّن ما دعوهم إليه فقال سبحانه: { إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أنداداً وأسروا الندامة } قيل: أخفوا الندامة في أنفسهم خوف الفضيحة، وقيل: أظهروا الندامة وهو يرجع إلى الجميع الاتباع والمتبوعين { لما رأوا العذاب } أي عاينوه { وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا } يعني فغلّ أيديهم إلى أعناقهم { هل يجزون } بما فعل بهم { إلا ما كانوا يعملون } من الكفر والمعاصي { وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها } رؤساؤها وأغنياؤها الذين بطروا { إنا بما أرسلتم به كافرون } { وقالوا نحن أكثر أموالاً وأولاداً } ولو لم يرض بما نحن عليه من الدين ما أعطانا ذلك { وما نحن بمعذبين } كما يقول البعث، وقيل: لا يعذبنا إذ لو أردنا إلا الآخرة لأعطانا مثل ما أعطانا في الدنيا من النعم { قل } يا محمد مجيباً لهم: { إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر } أي يوسع لمن يشاء ويضيق على من يشاء بحسب المصلحة { ولكن أكثر الناس لا يعلمون } ذلك، وروى (صلى الله عليه وآله وسلم): " اللهم من عصاني فأكثر ماله وولده واجعل رزق محمد الكفاف " وقيل: كانوا يتفاخرون بالمال { وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى } أي لا يغرنكم ثواب الله ورضائه كثرة أموالكم وأولادكم، والزلفى القربى { إلا من آمن } إلا بمعنى لكن الذي يقرب من ثوابه من آمن { وعمل صالحاً } وهو استثناء، والمعنى أن الأموال لا تقرب أحد إلا المؤمن الصالح الذي ينفقها في سبيل الله { فأولئك لهم جزاء الضعف } أي جزاء الأضعاف بقوله: