{ يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون } يعني يعلمون منافع الدنيا ومضارها وعمارتها فكيف يجمعون وكيف يبنون فعمروا دنياهم وحرثوا حرثهم أو يعلمون الدنيا وينكرون الآخرة؟ قوله تعالى: { أولم يتفكروا في أنفسهم } بما فيها من آيات الله والدلالة على توحيده { ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق } أي ما خلقهما باطلاً وعبثاً بغير غرض صحيح وحكمة بالغة وإنما خلقهما مقرونة بالحق، وتقدير: لكافرون { أولم يسيروا في الأرض فينظروا } إلى آثار من تقدم من الأمم مع شدة قوتهم وكثرتهم مثل عاد وثمود وغيرهم من الأمم الماضية، قوله تعالى: { كيف كان عاقبة الذين من قبلهم } وأنهم { كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض } وحرثوها، قال تعالى:{ لا ذلول تثير الأرض } [البقرة: 71] والبقرة الحرث المثيرة، وقيل: سمي ثوراً لاثارة الأرض { وعمروها } يعني أولئك المدمرون { أكثر مما عمروها } يعني أهل مكة واد غير ذي زرع ما لهم إثارة الأرض أصلاً { وجاءتهم رسلهم بالبينات } فلما كذبوا أهلكهم الله { فما كان الله ليظلمهم } فما كان تدميره إياهم ظلماً { ولكن كانوا أنفسهم يظلمون } حيث عملوا ما أوجب تدميرهم { ثم كان عاقبة الذين أساؤوا } أي عملوا السوء وكذبوا الرسل { السّوأى } قيل: العذاب، وقيل: جهنم { أن كذّبوا بآيات الله } ورسوله { وكانوا بها يستهزئون } { الله يبدأ الخلق ثم يعيده } أي خلقهم ابتداء ثم يعيدهم يوم القيامة بعد فنائهم { ثم إليه ترجعون } أي إلى ثوابه وعقابه { ويوم تقوم الساعة } قيل: تقوم الناس للساعة { يبلس المجرمون } أي ييأسون من رحمة الله، وقيل: تنقطع حجتهم والله أعلم { ولم يكن لهم من شركائهم شفعاء } الذين عبدوهم في الدنيا من يشفع؟ { وكانوا بشركائهم كافرين } لأنهم زعموا أنها تشفع لهم فلما عرفوا ما كانوا فيه من الضلال كفروا بالشركاء، أي جحدوا وأنكروا الأوثان.