الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الأعقم/ الأعقم (ت القرن 9 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِيۤ إِبْرَاهِيمَ وَمَآ أُنزِلَتِ ٱلتَّورَاةُ وَٱلإنْجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } * { هٰأَنْتُمْ هَؤُلاۤءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } * { مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } * { إِنَّ أَوْلَى ٱلنَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ وَهَـٰذَا ٱلنَّبِيُّ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { وَدَّت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ } * { يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ } * { يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ ٱلْحَقَّ بِٱلْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ ٱلْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } * { وَقَالَتْ طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ آمِنُواْ بِٱلَّذِيۤ أُنْزِلَ عَلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ ٱلنَّهَارِ وَٱكْفُرُوۤاْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } * { وَلاَ تُؤْمِنُوۤاْ إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ ٱلْهُدَىٰ هُدَى ٱللَّهِ أَن يُؤْتَىۤ أَحَدٌ مِّثْلَ مَآ أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَآجُّوكُمْ عِندَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ ٱلْفَضْلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } * { يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }

قوله تعالى: { يا أهل الكتاب لم تحاجون } الآية، زعم كل فريق من اليهود والنصارى أن إبراهيم كان منهم وجادلوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والمؤمنين، فقيل لهم: أن اليهودية إنما حدثت بعد نزول التوراة، والنصرانية بعد نزول الإِنجيل، وبين إبراهيم وموسى ألف سنة، وبينه وبين عيسى ألفان، فكيف يكون إبراهيم على دين لم يحدث إلا بعد عهده بزمان { أفلا تعقلون } حتى لا تجادلون بمثل هذا الجدال، قوله تعالى: { ها أنتم هؤلاء حاججتم } جادلتم { فيما لكم به علم } فيما نطق التوراة والإِنجيل { فلم تحاجّون فيما ليس لكم به علم } ولا ذكر له في كتابكم من دين إبراهيم، قوله تعالى: { ولكن كان حنيفاً } منقاداً لله تعالى { مسلماً وما كان من المشركين } وأراد بالمشركين اليهود والنصارى لإشراكهم في عزير والمسيح { إن أولى الناس بإِبراهيم } أي أخصهم به وأقربهم إليه { للذين اتبعوه } في زمانه وبعده { وهذا النبي } خصوصاً { والذين آمنوا } من أمته { ودت طائفة } وهم اليهود، دعوا حذيفة وعمار ومعاذ إلى اليهودية { وما يضلّون إلا أنفسهم } يعني وما يعود وبال الاضلال إلا عليهم لأن العذاب يضاعف لهم بضلالهم وإضلالهم وما يقدرون على إضلال المسلمين، وإنما يضلون أمثالهم من أشياعهم، قوله تعالى: { يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله } أي التوراة والإِنجيل وكفرهم بها أنهم لا يؤمنون بما نطقت به من صحة نبَّوة محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) { وأنتم تشهدون } نعته في الكتابين، أو تكفرون بآيات الله جميعاً وأنتم تعلمون أنها حق، قوله تعالى: { وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره } والمعنى أظهروا الإِيمان بما أنزل على المسلمين في أول النهار واكفروا آخره بهم، لعلهم يشكون في دينهم ويقولون ما رجعوا وهم أهل كتاب إلا أنهم قد تبين لهم فيرجعون برجوعكم، وقيل: نزلت في اثني عشر من أحبار يهود خيبر، قال بعضهم لبعض: ادخلوا في دين محمد أول النهار من غير اعتقاد واكفروا به في آخره، وقولوا: إنا نظرنا في كتبنا وشاورنا علماءنا فوجدنا محمداً ليس كذلك النبي المبعوث، وظهر لنا كذبه وبطلان دينه، فإن فعلتم ذلك شك اصحابه في دينه، وقيل: هذا في شأن القِبلة لما صرفت إلى الكعبة، قال كعب بن الأشرف لأصحابه: آمنوا بما أنزل عليهم من الصلاة إلى الكعبة وصلَّوا إليها في أول النهار ثم اكفروا به آخره وصلّوا إلى الصخرة، لعلهم يقولون هم أعلم منا فيرجعون يحاجونكم بالحق ويغالبونكم عند الله بالحجة، أو يحاجّوكم عند ربكم يعني يوم القيامة { قل إن الفضل بيد الله } يريد به الهداية والتوفيق.