الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الأعقم/ الأعقم (ت القرن 9 هـ) مصنف و مدقق


{ وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ ٱلْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ } * { فَرَدَدْنَاهُ إِلَىٰ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلاَ تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } * { وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَٱسْتَوَىٰ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } * { وَدَخَلَ ٱلْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ هَـٰذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَـٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَٱسْتَغَاثَهُ ٱلَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى ٱلَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ قَالَ هَـٰذَا مِنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ } * { قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَٱغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } * { قَالَ رَبِّ بِمَآ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِّلْمُجْرِمِينَ } * { فَأَصْبَحَ فِي ٱلْمَدِينَةِ خَآئِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا ٱلَّذِي ٱسْتَنْصَرَهُ بِٱلأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَىٰ إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ } * { فَلَمَّآ أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِٱلَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يٰمُوسَىٰ أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِٱلأَمْسِ إِن تُرِيدُ إِلاَّ أَن تَكُونَ جَبَّاراً فِي ٱلأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلْمُصْلِحِينَ }

{ وحرّمنا عليه المراضع } أي منعناه، وقيل: كره اليه ألبان النسوان، والمراضع جمع مرضع وهي المرأة التي ترضع { من قبل } قصصها أثره، فلما رأت أخت موسى ذلك { قالت هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم } ، قوله تعالى: { وهم له ناصحون } يعني لموسى، قال هامان: إنها لتعرفه وتعرف أهله، فقالت: إنما أردت وهم للملك ناصحون، والنصح: إخلاص العمل من شائب الفساد، فانطلقت إلى أمها بأمرهم فجاءت بها والصبي على يد فرعون وهو يبكي، فطلب الرضاع، فحين وجد ريحها استأنس والتقم ثديها فقال فرعون: ومن أنت منه فقد أبى كل ثدي إلا ثديك؟ قالت: امرأة طيبة الريح وطيبة اللبن لا أوتى بصبي إلا قبلني، فدفعه إليها وأجرى عليها وذهبت به إلى بيتها وأنجز الله وعده في الرد { فرددناه إلى أمه كي تقرّ عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون } من تحقيق ذلك الوعد، ثم بيّن تعالى حديث موسى بعدما شبّ سنة خروجه من مصر فقال سبحانه: { ولما بلغ أشدّه } ، قيل: كمال قوته في البدن والعقل، وقيل: الأشدّ ثلاثون سنة، وقيل: أربعون { واستوى آتيناه حكماً وعلماً } أعطيناه حكماً وعلماً قيل: النبوة والعلم، وقيل: فهماً وعقلاً، وقيل: هو علوم الشرائع { وكذلك نجزي المحسنين } { ودخل المدينة } يعني موسى دخل مدينة مصر، وقيل: أرض مصر { على حين غفلة من أهلها } ، قيل: وقت القائلة، وقيل: يوم عيد لهم قد اشتغلوا بلعبهم، وقيل: بين المغرب والعشاء { فوجد فيها رجلين يقتتلان } ، قيل: كانت خصومتهما الدين وقيل: في أمر الدنيا { هذا من شيعته } ممن شايعه على دينه { وهذا من عدوه } كان كافراً { فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه } يعني الإِسرائيلي استغاث موسى على القبطي لأنه علم منزلته من بني إسرائيل ولم يعلم الناس إلاَّ من قبل الرضاعة فقال موسى للقبطي: خلي سبيله، فقال: إنما أخذته ليحمل الحطب إلى مطبخ أبويك، فتنازعا { فوكزه موسى } أي دفع في صدره بجميع كفه، وقيل: الوكز بأطراف الأصابع { فقضى عليه } وروي أن موسى لم يتعمد لقتله ولكن قصد لتخليص المؤمن من يد الكافر، وروي أنه لم يُبح قتل الكافر حينئذ { قال هذا من عمل الشيطان } أي من اغوائه ووسوسته { إنه عدو } لبني آدم { مضل } الكافر بوسوسته { مبين } ظاهر العداوة { قال رب إني ظلمت نفسي } ، قيل: كان ذلك صغيرة لزمه التوبة، وقيل: ظلمت نفسي في هذا القتل فإنهم يقتلوني { فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم } { قال رب بما أنعمت علي } النعم ديناً ودنيا { فلن أكون ظهيراً للمجرمين } أي معيناً { فأصبح في المدينة } في اليوم الثاني { خائفاً } من قتل القبطي { يترقب } ينتظر الأخبار { فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه } وذلك أنه لما فشى أمر القتل قيل لفرعون: إن بني إسرائيل قتلوا منا رجلاً فقال: أتعرفون قاتله؟ ومن شهد عليه؟ وأمرهم أن يطلبوه، فصاح بموسى فـ { قال له موسى إنك لغوي مبين } ظاهر الغواية ولم يرد أنه غويّ في الدين وإنما أراد من خاصم آل فرعون مع كفرهم فإنه غوي، وقيل: بل قال للقبطي إنك لغوي مبين بطلبك وسخرك إياه ثم أراد موسى (عليه السلام) نصر الإِسرائيلي فقال سبحانه: { فلما أراد أن يبطش } أن يأخذ بشدة { بالذي هو عدوّ لهما } يعني القبطي فقال: { أتريد أن تقتلني كما قتلت نفساً بالأمس ان تريد إلا أن تكون جباراً في الأرض } بالقتل والظلم { وما تريد أن تكون من المصلحين } فانطلق إلى فرعون وأخبره به وأمر فرعون بقتل موسى.