الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الأعقم/ الأعقم (ت القرن 9 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذْ قَالَ مُوسَىٰ لأَهْلِهِ إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً سَآتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ } * { فَلَمَّا جَآءَهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي ٱلنَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { يٰمُوسَىٰ إِنَّهُ أَنَا ٱللَّهُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَآنٌّ وَلَّىٰ مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يٰمُوسَىٰ لاَ تَخَفْ إِنِّي لاَ يَخَافُ لَدَيَّ ٱلْمُرْسَلُونَ } * { إِلاَّ مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوۤءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ } * { فَلَمَّا جَآءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُواْ هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ } * { وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ }

قال سبحانه: { إذ قال موسى لأهله } امرأته ومن كان معه ليلة ذهابه من مدين إلى مصر { إني آنست ناراً } أي رأيت { فامكثوا } مكانكم { سآتيكم منها بخبر أو آتيكم بشهاب قبس } والشهاب نور، كالعمود من النار، والقبس: القطعة، وقبس من النار اقتباساً: أخذ منها شعلة { لعلكم تصطلون } تستدفئون، ثم قال تعالى تمام قصة موسى (عليه السلام) فقال سبحانه: { فلما جاءها } الهاء كناية عن النار، والمعنى: جاء موضع النار { نودي } يعني موسى ناداه الله بأن أحدث الكلام في الشجرة { أن بورك من في النار } والمراد بالمبارك فيهم موسى والملائكة الحاضرون، والظاهر أنه عام في كل مكان في تلك الأرض وفي ذلك الوادي وحواليهما في أرض الشام، ولقد خصَّ الله أرض الشام بالبركة في قوله:ونجّيناه ولوطاً إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين } [الأنبياء: 71]، وقيل: من حولها من الملائكة، وبركتها أن جعلها دلالة لموسى، وقيل: بورك من في النار الملائكة الموكّلون بها { ومن حولها } الملائكة أيضاً { وسبحان الله رب العالمين } تنزيهاً له عما لا يليق به وبصفاته { يا موسى إنه أنا الله العزيز } القادر { الحكيم } الذي لا يمتنع عليه شيء، الحكيم العالم بكل شيء { وألق عصاك فلما رآها تهتز } تحركت { كأنها جان } في اهتزازها وهي ثعبان في عظمها، فهاله أمرها وسرعة حركتها وعظم جسمها { ولّى مدبراً } أي رجع إلى ورائه { ولم يعقب } أي لم يرجع إلى عقبه، فقال تعالى: { يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون } { إلا من ظلم } يعني إنما يخاف الظلمة { إلا من ظلم ثم بدّل حسناً بعد سوء } ، قيل: من كان ظالماً بالمعاصي فتاب، روي في الحاكم قال: وهو الوجه لعموم الآية { فإني غفور رحيم } لذنوب التائبين، قال جار الله: { إلا من ظلم } يعني لكن من ظلم منهم، أي فرطت منه صغيرة مما لا يجوز على الأنبياء كالذي فرط من آدم ويونس وداوود وسليمان وأخوة يوسف وموسى (عليه السلام) بوكزة القبطي، قوله تعالى: { وادخل يدك في جيبك } ، قيل: ادخاله يده جيبه أي يجعلها على صدره، وقيل: جيب مدرعته، وروي أنه كان (عليه السلام) عليه جبة صوف، وقيل: كان كمها إلى بعض اليد فأمره أن يدخل يده جيبه { تخرج بيضاء } تضيء كالبدر { من غير سوء } أي من غير برص { في تسع آيات } معجزات: وهي العصا واليد والجراد والقمل والضفادع والدم والبحر ورفع الطور وانفجار الحجر بالماء { إلى فرعون } أي أرسلنا إلى فرعون { وقومه إنهم كانوا قوماً فاسقين } خارجين عن طاعة الله والإِيمان { فلما جاءتهم آياتنا مبصرة } يبتصر بها الصواب من الخطأ { قالوا هذا سحر مبين } أي ظاهر { وجحدوا بها } أي بالآيات { واستيقنتها أنفسهم } أي علموا يقيناً أنها ليس بسحر، وأنها تدل على صانع حكيم، وتدل على نبوة موسى { ظلماً وعلواً } يعني ظلماً على أنفسهم، أو ظلماً على موسى { فانظر } يا محمد أو أيها السامع { كيف كان عاقبة المفسدين }.