الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الأعقم/ الأعقم (ت القرن 9 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَتْ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ أَفْتُونِي فِيۤ أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ } * { قَالُواْ نَحْنُ أُوْلُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَٱلأَمْرُ إِلَيْكِ فَٱنظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ } * { قَالَتْ إِنَّ ٱلْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُواْ قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوۤاْ أَعِزَّةَ أَهْلِهَآ أَذِلَّةً وَكَذٰلِكَ يَفْعَلُونَ } * { وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ ٱلْمُرْسَلُونَ } * { فَلَمَّا جَآءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَآ آتَانِيَ ٱللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّآ آتَاكُمْ بَلْ أَنتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ } * { ٱرْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لاَّ قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَآ أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ }

{ قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري } أي أشيروا عليَّ بالصواب { ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون } أي حتى تحضرون وتشيرون عليَّ، ثم { قالوا نحن أولوا قوة وأولو بأس شديد } أي ذو سلاح وشدة في الحروب، فقالت لما عزوا الحرب { إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزّة أهلها أذلّة } وقوله: { افسدوها } خربوها، وقيل: إذا دخلوا قرية عنوة وقهراً أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة، أي أهانوا أشرافها { وكذلك يفعلون } ، قيل: هو قول الله تصديقاً لها فيما قالت، وقيل: قال ذلك قومها، قالت بلقيس: { وإني مرسلة إليهم بهدية } أي إلى سليمان وقومه { فناظرة بم يرجع المرسلون } بقبول أو ردّ، وقيل: ما يلتمسون من خير أو شر، قيل: أنها أرسلت بوصائف وغلمان على زي واحد وقالت ان ردّ الهدية وأبى إلاَّ المبايعة على دينه فهو نبي وإن قبل الهديَّة فإنما هو ملك وعندنا ما يرضيه، وقيل: إني مرسلة إليهم بهدية أي مرسلة رسلاً بهدية أصانعه بها على ملكي فناظرة ما يكون منه حتى أعمل على حسب ذلك، وروي أنها بعثت خمسمائة غلام عليهم ثياب الجوار وحليهن الأساور والأطواق والقرطة راكبين خيل مغشاة بالديباج محلاّة اللجم والسروج بالذهب المرصّع بالجوهر وخمسمائة جارية على رماك في زي الغلمان، وألف لبنة من ذهب وفضة، وتاجاً مكللاً بالدرّ والياقوت المرتفع والمسك والعنبر، وحقا فيه درّة عذراء معوجة الثقب، وبعثت رجلاً من أشراف قومها المنذرين بن عمرو وآخر ذا رأي وعقل، وقالت: إن كان نبياً ميّز بين الغلمان والجواري، وثقب الدرة ثقباً مستوياً وسلك في الخرزة خيطاً ثم قالت للمنذر إن نظر اليك نظر غضبان فهو ملك فلا يهولك، وإن رأيته بشا لطيفاً فهو نبي، فأقبل الهدهد فأخبر سليمان، فأمر الجن فصرفوا لبن الذهب والفضة وفرشوه في ميدان بين يديه طوله سبعة فراسخ، وجعلوا حول الميدان حائط فشرفوه من الذهب والفضة، وأمر بأحسن الدواب في البر والبحر فربطوها عن يمين الميدان ويساره على اللبن، وأمر أولاد الجن وهم خلق فأقيموا على اليمين واليسار، ثم قعد على سريره والكراسي عن جانبيه، فاصطفت الشياطين صفوفاً فراسخ والإِنس صفوفاً، والوحوش والسباع والطير والهوام كذلك، فلما دنا القوم ونظروا بهتوا ورأوا الدواب تروث على اللبن، فتقاصرت إليهم نفوسهم ورموا بما معهم، ولما وقفوا بين يدي سليمان نظر إليهم بوجه طلق وقال: ما وراءكم؟ وأين الحقُ؟ وأخبره جبريل بما فيه فقال لهم: إن فيه كذا وكذا، ثم أمر الأرضة فأخذت شعرة ونفرت فيها وجعل رزقها في الفاكهة، ودعا بالماء فكانت الجارية تأخذ الماء بيدها فتجعله في الأخرى ثم تضرب وجهها، والغلام كلما يأخذ به يضرب وجهه، ثم ردّ { ارجع إليهم } الآية، قالت: هو نبي وما لنا به من طاقة، فشخّصت اليه في اثني عشر ألف قيل تحت كل قيل ألف.