الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الأعقم/ الأعقم (ت القرن 9 هـ) مصنف و مدقق


{ سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَآ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } * { ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِي فَٱجْلِدُواْ كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٌ مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ }

قوله: { سورة } أي هذه سورة قطعة من القرآن { أنزلناها } أمرنا جبريل أن ينزل بها { وفرضناها } قيل: بيّناها، وقيل: فرضنا أحكامها التي فيها، وأصله القطع، أي جعلنا واجبه مقطوعاً بها، والتشديد للمبالغة في الإِيجاب { وأنزلنا فيها } في السورة { آيات } دلالات { بينات لعلكم تذكرون } الدلائل فتردكم إلى العلم، وقيل: الآيات الشرع والأحكام التي فيها، ثم ذكر تلك الآيات وابتدأ بذكر الزاني فقال سبحانه:الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة } [النور: 3] اختلفوا في سبب نزوله قيل: قدم المهاجرون المدينة وفيهم فقراء وبالمدينة نساء بغايا فاستأذنوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فنزلت، وقيل: نزلت في بغايا مكة والمدينة، وقيل: نزلت في مرثد وعناق زانية دعته إلى نفسه فقال مرثد: ان الله حرم الزنا، قالت: فانكحني، قال: حتى أسأل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فسأله فنزلت، وقوله تعالى: { الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما } وهذا إذا كان حرين بالغين بكرين، قيل: إنه خطاب لجماعة المسلمين، واتفقوا أن ليس لهم إقامة الحدود، والمراد به أنه.... إقامة إمام يقوم لها فلما كان إقامة الإِمام اليهم أضاف الحدّ اليهم، وقيل: هو خطاب للأئمة وليس بالوجه لأن الآية عامة { ولا تأخذكم } أيها المسلمون { بهما } بالزانين { رأفة } تمنع من إقامة الحدود، وقيل: يحد القاذف والسارق في دين الله، أي في حكمه { إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر } ، قيل: إن كنتم تصدقون أنكم مبعوثون محاسبون، وقيل: إن كنتم تؤمنون تخالفوا من خالف أمري وارتكب ما نهيت عنه لأن ذلك من شرط الايمان { وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين } أي موضع حدهما، وقوله: { طائفة من المؤمنين } أي جماعة تغليظاً لهما وإشهاراً واعتباراً لغيرهما، وقيل: أراد بالطائفة الشهود لأنه يجب حضورهم، وقيل: أربعة بعدد شهود الزنا فيبدأ الشهود بالرجم ثم الإِمام ثم الناس، وعن ابن عباس: أربعة إلى أربعين، وعن الحسن: عشرة، وعن قتادة: ثلاثة، وعن عكرمة: رجلان، وفي الحديث: " يؤتى بوَالٍ نقص من الحد سوطاً فيقول: رحمة لعبادك، فيقول له: أنت أرحم بهم مني؟ فيؤمر به في النار " وعن أبي هريرة: إقامة حد بأرضٍ خير لأهلها من مطر أربعين ليلة، وعلى الإِمام أن ينصب للحدود رجلاً عالماً بصيراً يعقل كيف يضرب، والرجل يجلد قائماً على مجرده ليس عليه إلاَّ إزار ضرباً وسطاً لا مبرحاً ولا هيّناً، والمرأة تجلد قاعدة ولا تنزع ثيابها.