الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الأعقم/ الأعقم (ت القرن 9 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ } * { كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ ٱلْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي ٱلأَرْحَامِ مَا نَشَآءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوۤاْ أَشُدَّكُمْ وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُمْ مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ ٱلْعُمُرِ لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى ٱلأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ } * { ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ وَأَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ آتِيَةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ ٱللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي ٱلْقُبُورِ } * { ومِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ } * { ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ لَهُ فِي ٱلدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ } * { ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّٰمٍ لِّلعَبِيدِ }

{ ومن الناس من يجادل في الله } الآية نزلت في النضر بن الحرث وكان يقول: هذا القرآن أساطير الأولين، وقيل: المجادلة في عباده { ويتبع كل شيطان مريد } عاصي عادي، وقيل: من الجن والإِنس { كتب عليه } ، قيل: قضي عليه وحكم، وقيل: كتب في اللوح المحفوظ، وقيل: على الشيطان، وقيل: على المجادل بالباطل { من تولاه } اتبعه وولاَّه { فأنه يضلّه } عن الدين { ويهديه إلى عذاب السعير } يعني الشيطان يدعوه إلى ما يوجب النار، ثم ذكر الحجة في البعث فإن الأقرب أن الجدال فيه فقال: { يأيها الناس } خطاب للمكلفين { إن كنتم في ريب } أي في شك { من البعث } وهو إحياء الأموات يوم القيامة للجزاء بعد أن صاروا تراباً فالدليل على صحته { انا خلقناكم من تراب } يعني أصلكم وهو آدم فمن قدر على أن يصير التراب بشراً سوياً حيَّاً في الابتداء قدر على أن يحيي العظام { ثم من نطفةٍ } يعني ذريته { ثم من علقةٍ } بأن تصير النطفة علقة وهو الدم الغليظ { ثم من مضغة } بأن تصير العلقة مضغة وهو قطع اللحم { مخلقة وغير مخلقةٍ } ، قيل: تامة الخلق وغير تامة الخلق، وقيل: مصورة وغير مصورة، يعني السقط، قال جار الله: المخلقة المسواة الملساء من النقصان والعيب من قولهم صخرة خلقاء إذا كانت ملساء، والله تعالى يخلق المضغ متفاوتة، منها ما هو كامل الخلقة، أملس من العيوب، ومنها ما هو على عكس ذلك، فيتبع ذلك تفاوت الناس في خلقهم وصورتهم وطولهم وقصرهم وتمامهم ونقصانهم، وإنما نقلناكم من حال إلى حال ومن خلقة إلى خلقة { لنبين لكم } بهذا التدريج قدرتنا وحكمتنا { ونقر في الأرحام ما نشاء } إلى التمام، وقيل: علقة ومضغة مخلقة مُدة على ما يغله تعالى { إلى أجل مسمى } وقت مسمى يخرج الولد عنده { ثم نخرجكم طفلاً ثم لتبلغوا أشُدّكُم } نهاية عقولكم { ومنكم من يتوفى } يقبض روحه فيموت في حال شبابه أو صغره { ومنكم من يرد إلى أرذل العمر } ، قيل: أحسنه وأحقره، وقيل: هو الهرم والخرف { لكيلا يعلم من بعد علم شيئاً } يعني يصير إلى حين يعدم عقله فلا يعلم شيئاً أو يذهب علومه هرماً، ثم ذكر دليلاً آخر فقال سبحانه: { وترى الأرض هامدة } يابسة دارسةً من أثر النبات { فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزّت } تحركت بالنبات { وربت } زادت بالنبات لمجيء الغيث { وأنبتت } يعني الأرض { من كل زوج } صنف من النبات { بهيج } حسن الصورة والمنظر { ذلك بأن الله هو الحق } الآية، الثابت الموجود، وأنه قادر على إحياء الموتى وعلى كل مقدور وأنه حكيم لا يخلف ميعاده، وقد وعد الساعة والبعث فلا بد أن يفي ميعاده { ومن الناس من يجادل في الله } الآية نزلت في النضر بن الحارث وكان ينكر البعث ويقول الملائكة بنات الله، وإنما جادل في صفات الله وتوحيده وعدله وهم علماء السوء { بغير علم } أي لا يرجع فيما يقوله، إلى علم { ولا هدى ولا كتاب منير } يؤدي إلى الحق وإنما يتبع الهوى والتقليد { ثاني عطفه } يعني أمال عنقه عن الحق اغتراراً لنفسه وخوفاً على جاهه، وقيل: يلوي عنقه كبراً، وثني العطف عبارة على الكبر { ليضل عن سبيل الله } فيضل الناس عن الدين { له في الدنيا خزي } هوانٌ وذلٌ، وقيل: هو ما لحقهم يوم بدر، قوله تعالى: { ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق } يعني عذاب النار، ثم تقول لهم الملائكة يومئذ { ذلك } العذاب { بما قدمت } أيديكم { يداك } من العمل { وأنَّ الله ليس بظلاّم للعبيد } في تعذيبهم لأنه عذبهم بما قدموا.