خاطب تعالى جميع الخلائق وابتدأ بالأمر بالتقوى وعقبه بذكر الوعد لمن خالف أمره فقال سبحانه: { يأيّها الناس } المكلّفين { اتقوا ربكم } أي اتقوا عذابه، وقيل: اتقوا معاصيه الموجبة لعذابه يوم القيامة { إن زلزلة الساعة شيء عظيم } الزلزلة شدة الحركة، أي حركة الأرض يوم القيامة، وقيل: الزلزلة تقرب القيامة من أشراطها وتكون في الدنيا، وقيل: تكون يوم القيامة في حديث مرفوع، شيء عظيم أي أمر هائل { يوم ترونها } ، قيل: الزلزلة، وقيل: الساعة { تذهل كل مرضعةٍ } أي تشتغل عن ابن عباس، وقيل: تلهو حتى تذهلها الزلزلة، والمرضعة التي هي في حال الإِرضاع ملقمة ثديها الصبي، المرضع التي شأنها أن ترضع ثديها نزعته عن فيه لما يلحقها من الدهشة { عما أرضعت } عن إرضاعها أو هو الذي أرضعته وهو الطفل، وعن الحسن: تذهل المرضعة عن ولدها لغير فطام { وتضع كل ذات حمل حملها } فتضع الحامل ما في بطنها لغير تمام، قال الحاكم: هذا مثل لو كان مرضعة وحامل لكان حالهم هذا من هول ذلك اليوم، وأما ما حمله على أنه يكون في الدنيا فيصح حمله على الحقيقة { وترى الناس سكارى وما هم بسكارى } على الحقيقة ولكن ما رهقهم من خوف عذاب الله هو الذي أذهب عقولهم، وتراهم سكارى من الخوف وما هم بسكارى من الشراب، وقيل: وترى أيها السامع الناس سكارى من الفزع وما هم بسكارى من شرب الخمر { ولكن عذاب الله شديد } إذا عاينوه تحيّروا وزالت عقولهم.