{ قال ربي يعلم القول } أي هو عالم بأسرار المتناجين وبكل قول { في السماء والأرض وهو السميع } لقولهم { العليم } بأفعالهم وضمائرهم { بل قالوا أضغاث أحلام } تخليط رؤيا رآها في المنام { بل افتراه } أي ما أتى به كذب { بل هو شاعر فليأتنا } محمد { بآيةٍ } حجة إن كان صادقاً { كما أرسل الأولون } أتوا بالآيات كفلق البحر وانقلاب العصا حية لموسى وإحياء الميت لعيسى { ما آمنت } أي ما صدقت { قبلهم } قبل هؤلاء الكفار { من قريةٍ أهلكناها } أي جاءتهم الآيات فلم يؤمنوا فأهلكناهم مصرين على الكفر { أفهم يؤمنون } فيه وذلك أن من تقدم من الأمم طلبوا الآيات وعهدوا أنهم يؤمنون عندها فلما جاءتهم نكثوا وخالفوا فأهلكهم الله فلو أعطيناهم ما يقترحون لكانوا......... واستحقوا عذاب الاستئصال { وما أرسلنا قبلك } يا محمد { إلا رجالاً } وهذا جواب لقولهم { ما هذا إلا بشر مثلكم } { فاسألوا أهل الذكر } يعني إن كنتم في شك من ذلك { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } ، قيل: بأخبار من مضى من الأمم هل كانت الرسل إلا من البشر، وقيل: التوراة والإِنجيل، وقيل: الذكر القرآن وأهل الذكر هم المؤمنون يعني المؤمنين العالمين بالقرآن، وقيل: لما نزلت قال أمير المؤمنين: نحن أهل الذكر { وما جعلناهم جسداً لا يأكلون الطعام } يعني الرسل الأولين، والمعنى وما جعلنا الأنبياء قبله ذي جسد غير طاعمين، وهذا جواب لقولهم:{ ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق } [الفرقان: 7] { وما كانوا خالدين } باقيين في الدنيا لا يموتون فذلك حالك { ثم صدقناهم } الوعد في إهلاك أعدائهم كذلك نفعل بك وبقومك المكذبين لك { فأنجيناهم } فخلصناهم { ومن نشاء } من المؤمنين { وأهلكنا المسرفين } بالمعاصي المجاوزين حدود الله { لقد أنزلنا إليكم كتاباً } يعني القرآن { فيه ذكركم } قال جار الله: شرفكم أو موعظتكم، أو فيه مكارم الأخلاق التي كنتم تطلبون بها الثناء، وحسن الذكر كحسن الجوار، والوفاء بالعهد، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، والسخاء وما أشبه ذلك قال في الحاكم: ما يحتاجون إليه من أمر دينهم، وقيل: موعظة لما وعد الله { أفلا تعقلون } أفلا تعلمون أن الأمر كما أخبرناكم.