الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الأعقم/ الأعقم (ت القرن 9 هـ) مصنف و مدقق


{ لَوْ يَعْلَمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ حِينَ لاَ يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ ٱلنَّارَ وَلاَ عَن ظُهُورِهِمْ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } * { بَلْ تَأْتِيهِم بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } * { وَلَقَدِ ٱسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِٱلَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } * { قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بِٱلْلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ مِنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ بَلْ هُمْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُّعْرِضُونَ } * { أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِّن دُونِنَا لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلاَ هُمْ مِّنَّا يُصْحَبُونَ } * { بَلْ مَتَّعْنَا هَـٰؤُلاۤءِ وَآبَآءَهُمْ حَتَّىٰ طَالَ عَلَيْهِمُ ٱلْعُمُرُ أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي ٱلأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَآ أَفَهُمُ ٱلْغَالِبُونَ } * { قُلْ إِنَّمَآ أُنذِرُكُم بِٱلْوَحْيِ وَلاَ يَسْمَعُ ٱلصُّمُّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ } * { وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يٰويْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } * { وَنَضَعُ ٱلْمَوَازِينَ ٱلْقِسْطَ لِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ }

{ لو يعلم الذين كفروا } ما ينالهم أو إذا أتاهم ما يستعجلون به { حين لا يكفُّون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم } ، قيل: أراد الوجوه والظهور، وقيل: أراد إحاطة النار بهم { بل تأتيهم بغتة } يعني الساعة تأتيهم فجأة { فتبهتهم } تحيّرهم، وقيل: تفاجئهم { فلا يستطيعون ردّها } أي لا يقدرون على دفعها { ولا هم ينظرون } أي لا هم يُؤَجلوه، لما تقدم ذكر استهزائهم بالمؤمنين والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أتبعه بقوله: { ولقد استهزئ برسل } تسلية للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وإنذاراً لقومه من العذاب { فحاق } فحلّ ونزل بهم { بالذين سخروا منهم } من الرسل { ما كانوا به يستهزئون } يعني وبال استهزائهم وما استحقوا عليه من العذاب { قل } يا محمد لهم: { من يكلؤكم } ، قال في الحاكم: خرج الكلام مخرج الاستفهام والمراد به الإِنكار، أي لا حافظ لهم سواه، معناه أنكم تكفرون به وتستهزئون برسله وإذا حلّ بكم عذابه فلا مانع ولا دافع، ومعنى يكلؤكم، يحفظكم ويحرسكم { بالليل والنهار } يعني في جميع الأوقات { من الرحمان } أي من بأسه وعذابه وعقوبات الدنيا والآخرة { بل هم عن ذكر ربهم معرضون } يعني بل هم معرضون عن ذكره لا يخطروه ببالهم عن مواعظه وزواجره { أم لهم آلهة تمنعهم } من عذاب الله إذا نزل بهم، ثم بيَّن وصف ما اتخذوه آلهةً فقال سبحانه: { لا يستطيعون نصر أنفسهم } يعني الأوثان لا يقدرون فكيف ينصرون من عبدها؟ قال جار الله: إن ما ليس بقادر على تصريفه وعن منعها من إليه بالنصر والتأييد، كيف يمنع غيره؟ { ولا هم منا يصحبون } ولا الكفار منا يجارون، وقيل: يمنعون، وقيل: ينصرون ويحفظون { بل متعنا هؤلاء } الكفار { وآباؤهم } في الدنيا بما أنعم الله عليهم من نعم الدنيا، وإمهال الله إياهم { حتى طال عليهم العمر } فغرّهم شأن طول العمر، وإمهال الله إياهم حتى أتوا ما أتوا { أفلا يرون } يعني ينبغي أن يعتبروا بالدنيا فإنها إلى زوال وبحساب، يعتبروا بمن مضى من الأمم الخالية أتهم المنيَّة، أو لم يروا هؤلاء الكفار { أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها } ، قيل: بحراثها، وقيل: بموت أهلها ونقصان أموالها، وقيل: بموت العلماء، وقيل: بهلاك الظلمة وخراب دورهم، وقيل: بتسليط المؤمنين عليها وإظهارهم على أهلها وردهم دار إسلام { أفهم الغالبون } ، قيل: هؤلاء الذين أهلكهم الله الغالبون أم الله حيث أهلكهم كذلك حالكم { قل إنما أنذركم بالوحي } أي بما أوحي إليَّ من القرآن وأخبار الأمم والوعد والوعيد { ولا يسمع الصُّمُّ الدعاء } يعني أنهم يستثقلون القرآن وسماعه وذكر الحق، فهم بمنزلة الأصم الذي لا يسمع، وقيل: إنهم يتصامّون إذا دعوا إلى الحق { ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك } ، قيل: طرف، وقيل: عقوبة، قال جار الله: لئن مسّتهم من هذا الذي ينذرون به أدنى شيء لأذعنوا وذلوا وأقروا بأنهم ظلموا أنفسهم حين تصامّوا وأعرضوا بالنفخ في معنى القلَّة { ليقولُّن يا ويلنا } يدعون بالويل عند نزوله { إنا كنَّا ظالمين } نفسنا بأن عصينا الله وكذَّبنا الرسل { ونضع الموازين القسط } المراد بموضع الموازين قولان: أحدهما إرصاد الحساب السوي والجزاء على حسب الأعمال بالعدل والنصفة من غير أن يظلم عباده مثقال ذرة فمثل ذلك بموضع الموازين ليوزن بها الموزونات، والثاني أنه بموضع الموازين الحقيقة ويوزن بها الأعمال، وعن الحسن: هو ميزان له كفّتان ولسان، وروي أن داوود (عليه السلام) سأل الله أن يريه الميزان، فلما رآها غشي عليه ثم أفاق، فقال: يا إلهي من الذي يقدر أن يملأ كفته، فقال: يا داوود إذا رضيت على عبدي ملأتها بتمرة، قال جار الله: فإن قلتَ: كيف يوزن الأعمال وهي أعراض؟ قلتُ: فيه قولان أحدهما توزن صحائف الأعمال والثاني يجعل في كفة الحسنات جواهر بيضٍ مشرقة، وفي كفة السيئات جواهر سود مظلمة { فلا تظلم نفس شيئاً } يعني لا ينقص من ثوابها المستحق ولا يزاد في العذاب { وإن كان مثقال حبَّة } هذا مثل والمراد إن كان يسيراً من الطاعة لا يضيع بل يجازى عليه { أتينا بها } قيل: أنها محفوظة { وكفى بنا حاسبين } لأنه لا يظلم في حسابه وأنه لا يعلم الخردلة غيره كذلك اليسير من الأعمال.