الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الأعقم/ الأعقم (ت القرن 9 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ يٰهَرُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوۤاْ } * { أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي } * { قَالَ يَبْنَؤُمَّ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِيۤ إِسْرَآءِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي } * { قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يٰسَامِرِيُّ } * { قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ ٱلرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي } * { قَالَ فَٱذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي ٱلْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لاَ مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَّن تُخْلَفَهُ وَٱنظُرْ إِلَىٰ إِلَـٰهِكَ ٱلَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي ٱلْيَمِّ نَسْفاً } * { إِنَّمَآ إِلَـٰهُكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً }

{ قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلّوا } { ألاَّ تتبعنِ } يعني هلاَّ تبعتني بمن أقام على إيمانه { أفعصيت أمري } فيما أمرتكم، ويقال: ظاهر الآية أنه أمره باللحاق به، وقيل: لم يأمره بذلك وأمره بمجاهدتهم وزجرهم من القبيح، وكان أخاه من أمه وأبيه { لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي } وكان موسى (عليه السلام) رجلاً حديداً في كل شيء شديد الغضب لله ولدينه، فلم يتمالك حتى رأى قومه يعبدون عجلاً من دون الله بعد ما رأوا الآيات العظام، أن ألقي الألواح - التوراة - وأقبل على هارون فقبض على شعر رأس هارون وكان أقرع، وعلى شعر وجهه يجرّه إليه ولما ظهر براءة هارون وبيَّن العذر علم أن الذنب للسامري، أقبل عليه موبّخاً { فقال ما خطبك } أي ما شأنك وما دعاؤك؟ { قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة } حين أرسل الله إلى موسى جبريل راكب حيزوم فرس الحياة، فأبصره السامري فقال: إن لهذا شأن، فقبض القبضة من تربة موطئة، وقيل: كان معتاداً أن من قبض قبضة فألقاها على جماد فإنه يصير صواتاً { وكذلك سوّلت لي نفسي } ما لا حقيقة له، وإنما صاغ عجلاً وجعل فيه خردقاً، وروي أنه مرَّ به هارون وهو يصنع العجل فسأله، فقال: شيء أفعله مصلحة أدع الله أن يتم ذلك، فدعا له { قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس } أي ما دمت حياً لا تخالط أحداً ولا يخالطك، وكان موسى (عليه السلام) أمر بني إسرائيل ألا يؤاكلوه ولا يخالطوه، وقيل: حرم موسى مؤاكلته ومخالطته وذلك أنه عوقب في الدنيا بعقوبة لا شيء أعظم منها، وقيل: ألقيت هذه الكلمة على لسانه وكان يغدو في الفيافي ويقول: { لا مساس وإن لك موعداً لن تخلفه } أي لن يخلفك الله موعده الذي وعدك إياه على الشرك والفساد، ينجز ذلك في الآخرة بعدما عاقبك بذلك في الدنيا، فأنت ممن خسر الدنيا والآخرة { ذلك هو الخسران المبين وانظر إلى إلهك } الذي اتَّخذته إلهاً وعكفت عليه { لنحرقنَّه بالنار ثم لننسفنّه في اليم نسفاً } في البحر، وقيل: أحرق حتى صار رماداً ثم رماه في البحر، وإنما فعل ذلك لإِزالة الشبهة من قلوب العامة { إنما إلهكم الله الذي لا إله إلاَّ هو وسع كل شيء علماً } يعني هو خالقكم والمنعم عليكم المستحق للعبادة، هو الله الذي لا إله إلا هو، وقوله: { وسع كل شيء علماً } أي يعلم كل شيء، ثم ذكر تعالى من أنباء الرسل تسلية للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعقبه بالوعد والوعيد.