الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الأعقم/ الأعقم (ت القرن 9 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا كَمَآءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ ٱلسَّمَاءِ فَٱخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ ٱلأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ ٱلرِّياحُ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِراً } * { ٱلْمَالُ وَٱلْبَنُونَ زِينَةُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَٱلْبَاقِيَاتُ ٱلصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً } * { وَيَوْمَ نُسَيِّرُ ٱلْجِبَالَ وَتَرَى ٱلأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً } * { وَعُرِضُواْ عَلَىٰ رَبِّكَ صَفَّاً لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُمْ مَّوْعِداً } * { وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ فَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يٰوَيْلَتَنَا مَالِ هَـٰذَا ٱلْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِراً وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً } * { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاۤئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُوۤاْ إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً } * { مَّآ أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلاَ خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ ٱلْمُضِلِّينَ عَضُداً }

{ واضرب لهم } أي لهؤلاء المتكبرين آثروا ما يفنى على ما يبقى، قيل: لقومك، وقيل: لمن يزعم أنه { مثل الحياة الدنيا } يعني سنة الحياة الدنيا ونعيمها { كماء أنزلناه من السماء } وهو المطر { فاختلط به نبات الأرض } ، قيل: اختلط الماء بالنبات { فأصبح هشيماً تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدراً } ، قوله تعالى: { المال والبنون زينة الحياة الدنيا } أي يتزينون بها ويتفاخرون بها { والباقيات الصالحات } يعني أن البقاء الثواب، العمل الصالح، وقيل: الطاعات، وقيل: لا إله إلا الله والصيام والحج والجهاد، وقيل: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وقيل: الصلوات الخمس { وخير أملاً } أي خير شيء تأمله المرء { ويوم نسيّر الجبال } يعني يوم القيامة أي نزيلها عن أمكنتها { وترى الأرض } أيها الإِنسان { بارزة } ليس عليها ما يسترها مما كان عليها، فلا شيء يسترها عن أعين الناظرين من بناء من جبل وشجر والبروز أصله الظهور، قيل: يحشر الناس في صعيد واحد يرى بعضهم، وقد يرى ما كان في بطنها فصار على ظهرها { وحشرناهم } وجمعناهم إلى الموقف { فلم نغادر منهم أحداً } أي لم نترك أحداً إلا وقد جمعناه، وقيل: يحشرون حفاة عراةً عزلاً { وعرضوا } يعني عرضوا للمحاسبة { على ربك صفاً } كصفوف الصلاة يعرضون قياماً { كما خلقناكم أول مرة } أحياءً حفاة عراةً عزلاً، وقيل: لا أموال ولا أولاد { بل زعمتم ألن نجعل } لكم موعداً يعني الجزاء والحساب يوم القيامة { ووضع الكتاب } يعني صحائف الأعمال { فترى المجرمين مشفقين } خائفين { مما فيه } من الأعمال السيئة { ويقولون } إذا قرأوها { يا ويلتنا } يدعون بالويل والثبور، والويل: الهلاك { ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها } أي لا شيئاً من الذنوب إلا أحصاها، قيل: الصغيرة التبسم والكبيرة القهقهة، وقيل: الكبيرة الزنا، وقيل: المراد به يجري بما جل ودق لأن الصغيرة ما نقص عقابه عن طاعته والكبيرة ما زاد عقابه على ثواب طاعته، ومتى قيل: أليس معفواً عنها؟ قيل: لا صغيرة للكفار وإنما يقع الصغائر من المؤمن { ووجدوا ما عملوا حاضراً } في الصحف عتيداً { ولا يظلم ربك أحداً } فيكتب عليه ما لم يعمل أو يزيد في عقابه، ثم بيّن تعالى ما جرى من ابليس تحذيراً من مثل حاله فقال سبحانه: { وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم } وقد بيّنا أنه سجود تحيّة لا سجود عبادة، وقيل: إنه قبله للسجود { فسجدوا } يعني الملائكة { إلا ابليس } فأمر معهم بالسجود وإن لم يكن منهم { كان من الجن } ، قيل: إنه كان أبو الجن كما أن آدم أبو الإِنس روي ذلك في الحاكم، وقيل: كان من الجن الذين طردتهم الملائكة فأسره بعض الملائكة فذهب به إلى السماء، وقيل: كان من قبيل من الملائكة يقال لهم الجن كانوا خزان الجنان وسموا الجن لاستتارهم من العيون { ففسق عن أمر ربه } أي خرج عن طاعة ربه { أفتتخذونه وذريته } خطاب لبني آدم { وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدوّ } قد ظهرت عداوتهم وهذا استفهام والمراد به الإِنكار، أي لا تتخذونهم أولياء، والذرية النسل، قال الحسن: الإِنس عن آخرهم ذرية آدم والجن عن آخرهم ذرية ابليس { بئس للظالمين بدلاً } البدل ابليس وذريته من الله { ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض } يعني الكفار، وقيل: آدم وذريته لم يحضروا ذلك، وقيل: الملائكة يعني إذا لم يشهدوا خلق هذه الأشياء فلم زعموا أن الملائكة بنات الله؟ وقيل: { ما أشهدتهم } ما خلقت مستعيناً بهم في الخلق والتدبير، وقيل: أراد أنهم مخلوقون لم يكونوا كما خلق السماوات والأرض وكلهم مخلوقون.