الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الأعقم/ الأعقم (ت القرن 9 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقُلِ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَٱلْمُهْلِ يَشْوِي ٱلْوجُوهَ بِئْسَ ٱلشَّرَابُ وَسَآءَتْ مُرْتَفَقاً } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً } * { أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِّن سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى ٱلأَرَآئِكِ نِعْمَ ٱلثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً } * { وَٱضْرِبْ لهُمْ مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً } * { كِلْتَا ٱلْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً } * { وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً } * { وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَـٰذِهِ أَبَداً } * { وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنْقَلَباً }

{ وقل } يا محمد لهؤلاء الكفرة هذا الذي تلوته عليكم هو { الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر } تهديد ليس بإباحة وتخير أي أظهر الحق فمن تبعه نجا ومن خالفه هلك، والمعنى جاء الحق وانزاحت العلل فلم إلا اختاروا لأنفسكم ما شئتم أما طريق النجاة أو طريق الهلاك { إنا أعتدنا } هيّأنا { للظالمين } ، قيل: العاصين { ناراً أحاط بهم سرادقها } ، قيل: حائط من نار يطبق بهم، وقيل: سرادقها دخانها ولهبها، وقيل: أراد النار تحيط بهم من جوانبهم، قوله تعالى: { وإن يستغيثوا } من شدة العطش وحرّ النار { يغاثوا بماء كالمهل } ، قيل: كلما أذيب، وقيل: أراد الرصاص والنحاس والصفر، وقيل: هو القيح والدم، وقيل: ما اسوّد وجهنم سوداء وأهلها سود { يشوي الوجوه } إذا قرب من الوجوه شوت لحومهم وسقطت جلودهم { بئس الشراب } ذلك المذكور { وساءت مرتفقاً } متكأ، وقيل: منزلاً، وقيل: مقراً، وقيل: مجلساً ولما تقدم الوعيد عقبه بذكر الوعد على عادته فقال تعالى: { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات } يعني ما أوجب عليهم من الطاعات، { إنّا لا نضيع أجر من أحسن عملاً } على إحسانه وتوفيقه أجره من غير بخسٍ، ثم بيّن ذلك الأجر فقال سبحانه: { أولئك لهم جنات } أي بساتين { عدن } ، قيل: جنات الخلد عن أبي علي لأن العدن هو الإِقامة، وقيل: العدن اسم من أسماء الجنة، وقيل العدن أحد الجنان الأربع { تجري من تحتهم الأنهار } أي من تحت أبنيتها { يحلّون فيها } أي يزينون { فيها من أساور من ذهب } على كل واحد ثلاثة أساور واحد من فضة وواحد من ذهب وواحد من لؤلؤ وياقوت { ويلبسون ثياباً خضراً من سندس وإستبرق } قيل: السندس ما رقّ من الديباج، والاستبرق ما غلظ { متكئين فيها على الأرائك } ، قيل: على السرر في الحجال، وقيل: على الفرش في الحجال { نعم الثواب } نعم الجزاء { وحسنت مرتفقاً } ، قيل: مجلساً ومكاناً، وقيل: مجالسة النبيين والصديقين كقوله:وحسن أولئك رفيقاً } [النساء: 69] حكاه الأصم، ثم ضرب الله مثلاً للفريقين الذين تقدم ذكرهم فقال سبحانه: { واضرب لهم مثلاً } أي لمن تقدم ذكرهم، أي مثل حال الكافرين والمؤمنين بحال { رجلين } أخوين من بني إسرائيل وكان أحدهما كافر اسمه قطروس والآخر مؤمن اسمه يهوذا، وقيل: هما المذكوران في سورة الصافات في قوله:إني كان لي قرين } [الصافات: 51]، ورثا من أبيهما ثمانية آلاف دينار فاشترى الكافر أرضاً بألف دينار، فقال له المؤمن: اللهم ان أخي اشترى أرضاً بألف دينار وأنا أشتري أرضاً في الجنة بألف وتصدق به، ثم اشترى أخوه داراً بألف، فقال: اللهم إني أشتري منك داراً في الجنة بألف فتصدق، وتزوج امرأة بألف، فقال: اللهم اني جعلت ألفاً صداق للحور العين، ثم اشترى أخوه خدماً ومتاعاً بألف، فقال: اللهم إني أشتري منك الولدان المخلدون بألف فتصدق به، ثم أصابه حاجة فجلس لأخيه على طريقه فمرّ به فتعرض له فطرده ووبّخه على التصدق بماله { وحففناهما بنخل } جعلنا النخل محيطاً بالجنتين { وجعلنا بينهما زرعاً } ، قيل: حول الأعناب الزرع ووسطه الزرع، وقيل: بين الجنتين الزرع { كلتا الجنتين } كل واحدة منهما { آتت } أعطت { أكلها } ثمرها { ولم تظلم منه شيئاً } لم تنقص { وفجّرنا } شققنا { خلالهما } وسطهما يعني وسط الجنتين { نهراً } يجري فيه الماء { وكان له ثمر } أي للرجل الكافر ثمر من النخل الذي فيه، وقيل: ذهب وفضة، وقيل: مستوف الأموال { فقال } الكافر { لصاحبه } المؤمن { وهو يحاوره } يخاطبه { أنا أكثر منك مالاً وأعز نفراً } ، قيل: عشيرة ورهطاً، وقيل: خدماً، وقيل: ولداً { ودخل جنته } يعني الكافر { وهو ظالم لنفسه } بكفره { قال ما أظن أن تبيد هذه أبداً } ، قيل: أراد ما دمت حيَّاً، وقيل: توهم { ومآ أظنُّ الساعة قائمة } آتية { ولئن رددت إلى ربي } أي صرت اليه في المعاد { لأجدن خيراً منها منقلباً } أي منزلاً ومرجعاً، ومتى قيل: كيف صحّ قوله ولئن رددت الى ربي مع أنه كافر؟ قيل: معناه ولئن رددت إلى ربي كما زعمت.