{ ربكم الذي يزجي لكم الفلك في البحر لتبتغوا من فضله إنه كان بكم رحيماً } أي منعماً عليكم، احتج عليهم بدلائل التوحيد حثاً على اتباع أمره { وإذا مسكم الضر في البحر } خوف الغرق { ضلّ من تدعون إلا إياه } يعني أيقنتم أنكم لا تجدون ملجأ غيره، وضلّ عنكم ما كنتم دعوتموه إنها غيره { فلما نجاكم }: خلصكم { إلى البر أعرضتم } عن الايمان والطاعة كفراً بالنعمة { وكان الانسان كفوراً } وعادته الكفر بالنعم، وهذه عادة من لا يعرف الله حق معرفته { أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر } أي يقلبه وأنتم عليه، وكما قال: وخسفنا به وبداره الأرض { أو يرسل عليكم حاصباً } أي حصب بالحجارة من السماء، وقيل: هي الريح التي تحصب يعني إن لم يصيبكم بالهلاك من تحتكم بالخسف أصابكم بريح من فوقكم يرسلها { أم أمنتم }: أي تقوى دواعيكم وتوفر حوائجكم إلى أن ترجعوا فتركبوا البحر مرة ثانية، تارة أخرى أي مرة أخرى { فيرسل عليكم قاصفاً من الريح } ، قيل: ريح شديدة لها صوت { فيغرقكم بما كفرتم } أي بكفرانكم نعم الله وجحودكم إياه { ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعاً } يعني طالباً ولا ناصراً وأصله من يتبع إهلاككم للمطالبة بدمائكم { ولقد كرّمنا بني آدم } أي أكرمناهم بإنعامنا عليهم بأنواع النعم، ومتى قيل: لم أطلق وفيهم الكافر والمهين؟ قالوا: معناه أكرمناهم بالانعام الدنياوي كالصورة الحسنة وتسخير الأشياء لهم وكرامة الله بالعقل والنطق والتمييز والخط والصورة الحسنة والقامة المعتدلة، وقيل: بتسليطهم على من في الأرض وتسخيره لهم، وقيل: كل شيء يأكل بنيه إلا ابن آدم، وقيل: بأن جعل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) منهم { وحملناهم في البر والبحر } يعني في البر على ظهور الدواب وفي البحر على السفن، وذلك نعم يخص بها بنو آدم { ورزقناهم من الطيبات } كسب الرجل بيده من وجه حلال، وقيل: أراد المطاعم فجعل لهم الأطيب من كل شيء وما لا يستلذونه فهو لغيرهم { وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً } هو ما سوى الملائكة (صلوات الله عليهم) وقيل: الإِكرام بالنعم التي يصنع بها التكليف، والفضل هو التكليف الذي عرضه به للمنازل العالية يوم القيامة.