الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الأعقم/ الأعقم (ت القرن 9 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِٱلنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا ٱلرُّءْيَا ٱلَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَٱلشَّجَرَةَ ٱلْمَلْعُونَةَ فِي ٱلقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَاناً كَبِيراً } * { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاۤئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُواْ إَلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً } * { قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَـٰذَا ٱلَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً } * { قَالَ ٱذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ جَزَاءً مَّوْفُوراً } * { وَٱسْتَفْزِزْ مَنِ ٱسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي ٱلأَمْوَالِ وَٱلأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ ٱلشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً } * { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلاً }

{ وإذ قلنا لك } يا محمد { ان ربك أحاط بالناس } لفظ الإِحاطة توسع ومجاز، والمراد أحاط بهم علماً وقدرة، والمعنى أنه عالم بجميع الأشياء { وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلاَّ فتنة للناس } ، قيل: هي رؤيا عين، وما رأى ليلة المعراج من الآيات والعبر وأسري به إلى بيت المقدس ثم إلى السماء فلما أخبر به المشركون كذبوه، وقيل: هي رؤيا نوم وهي أنه رأى في المنام أنه يدخل مكة قصدها عام الحديبية فرجع ودخلها في العام القابل ونزل { لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق } الآية، ولما رجع (عليه السلام) من الحديبية قال ناس: قد حدثنا أنه سيدخلها، وقال بعضهم: لم يوقت { والشجرة الملعونة في القرآن } قيل: شجرة الزقوم وقد ذكرها تعالى في قوله:إن شجرة الزقوم * طعام الأثيم } [الدخان: 43-44] والملعونة قيل: ملعون أكلها، وقيل: اليهود لأنهم أصل اللعنة والعرب تضف الشيء بالشجرة، والأكثر على أنها شجرة الزقوم { ونخوّفهم } بما تقدم من الإِهلاك وما وعدوا من الشجرة وعذابها { فما يزيدهم } ذلك { إلا طغياناً كبيراً } أي يجاوزوا في حد الكفر { وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم } ، قيل: هو تحية، وقيل: هو قبلة السجود { إلا إبليس } تكبّر ولم يكن من الملائكة إلا أنه أمر معهم بالسجود { لمن خلقت طيناً } فأخطأ إبليس من وجوه: أحدها: أن الفضل بالتقوى، وثانيها: أن الأرض خير من النار، وثالثها: أنه لم يؤمر بتعظيم غيره بمعنى يرجع إلى أصله، ورابعها: أنه رد الأمر ولم يرض بالقضاء، وخامسها: أنه اعتقد أن الأمر قبيح { قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي } أي فضّلته عليّ { لأحتنكن ذريته } ، قيل: لأستولي عليهم، وقيل: لأحتوينهم، والاحتناك الانقطاع من الأصل، يقال: احتنك فلان ما عند فلان إذا استقصاه فأخذه كله، واحتنك الجراد الزرع إذا أكله كله، الموفور المكمل أي تاماً كاملاً، لأحتنكن من احتنكت الدابة إذا جعلت في حنكها الأسفل يقودها به { إلا قليلاً } وهم الصالحون استثناء لعلمه إن كيده لا ينفد فيهم، فـ { قال } تعالى مجيباً له عن قوله على سبيل الاستصغار: { اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفوراً } يعني أنه تعالى لا يمنعه منهم جبريل ولكن يخلي بينهم وبينه، وهذا جواب استصغار كمن يقول افعل ما شئت فلن تضر إلاَّ نفسك { واستفزز } الاستفزاز الازعاج يقال: استفزّه أي استزلّه { من استطعت منهم بصوتك } ، قيل: بدعائك إلى معصية الله، وقيل: بالغناء والمزامير والهوى، وقيل: كل صوت دعا به إلى الفساد فهو من صوت الشيطان كالغناء والنياحة والدعاء إلى الباطل { وأجلب عليهم } قيل: اجمع عليهم ما قدرت عليه من مكابدتك { بخيلك ورجلك } كل راجل وماشي في معصية الله من الإِنس والجن، وروي كل راكب قاتل في معصية الله فهو من خيل من الشيطان، وكل راجل كذلك، وقيل: خيله ورجله كل داع إلى معصيته { وشاركهم في الأموال والأولاد } وأما المشاركة بالأموال والأولاد فهو كل معصية يحملهم عليها كالزنا والمكاسب المحرمة كالبحيرة والسائبة والانفاق في الفسوق والإِسراف ومنع الزكاة، وقيل: أولاد الزنا وقتل الموؤدة، قوله تعالى: { وعدهم } كان الآخرة لهم كما وعد آدم بأن يكون ملكاً ومخلداً، وقيل: منهم زينة الدنيا باعتقاد الباطل وأن لا ثواب لهم ولا عقاب { وما يعدهم الشيطان إلا غروراً }.

السابقالتالي
2