الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الأعقم/ الأعقم (ت القرن 9 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا قَرَأْتَ ٱلْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً } * { وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِيۤ ءَاذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي ٱلْقُرْءَانِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَىٰ أَدْبَٰرِهِمْ نُفُوراً } * { نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَىٰ إِذْ يَقُولُ ٱلظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً } * { ٱنْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلأَمْثَالَ فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً } * { وَقَالُوۤاْ أَءِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً } * { قُلْ كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً } * { أَوْ خَلْقاً مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ ٱلَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيباً } * { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً }

{ وإذا قرأت القرآن } يا محمد { جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستوراً } ، قيل: معناهم عند قراءتك، وجعلنا بينك وبينهم حجاباً مستوراً يعني ساتراً، وقيل: عن العيون، وقيل: هو ذمٌّ لهم وتشبيه أي كان بينك وبينهم حجاباً، وقيل: جعلنا بينك وبين مشركي قريش حجاباً مانعاً أن ينالوك { وجعلنا على قلوبهم أكنة } غطاء { أن يفقهوه } فيعلموه، يعني جعلنا بالحكم أنهم بهذه المنزلة { وفي آذانهم وقراً } أي ثقلاً للقرآن { وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولّوا على أدبارهم نفوراً } أي أعرضوا عنك مدبرين فارّين { نحن أعلم بما يستمعون به } وعد لهم وتسلية للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يعني هؤلاء يسمعون ويتناجون دونك ونحن أعلم بهم { إذ يستمعون إليك } إلى قراءتك القرآن { وإذ هم نجوى } وتناجيهم أن بعضهم قال: هو مجنون، وبعضهم قال: ساحر، وبعضهم قال: كاهن، وبعضهم قال: أساطير الأولين { انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلّوا } بهذا القول عن الحق بأن قالوا: ساحر، وقالوا: مجنون، وقالوا: كاهن { فلا يستطيعون سبيلاً } أي لا يجدون حيلة وطريقاً في تكذيبك إلى البهت، وقيل: ضلوا عما طلبوا في بطلان أمره فلم يجدوا إلى ذلك سبيلاً { وقالوا أئذا كنا عظاماً ورفاتاً } نزلت في مشركي قريش في إنكارهم البعث، الرفات هو ما تكسر وبلي من كل شيء، وقيل: تراباً، وقيل: غباراً { قل } يا محمد لهم { كونوا حجارة أو حديداً } وهذا ليس أمراً ولا إباحة ولكن معناه لو كنتم حجارة أو حديداً في الشدة، لم يفت الله وسيحييكم من بعد الموت كما أنشأكم أول مرة { أو خلقاً مما يكبر في صدوركم } ، قيل: أي شيء استعظمتموه في الخلق ويكبر في صدوركم، وقيل: السماوات والأرض والجبال، وعن ابن عباس: هو الموت وهو أكبر الأشياء، قال الثعلبي: البعث { فسيقولون من يعيدنا } بعد الموت { قل } يا محمد { الذي فطركم أول مرة } ، قوله تعالى: { فسينغضون إليك رؤوسهم } فسيحركونها تعجباً واستهزاء { قل } يا محمد { عسى أن يكون قريباً }: عسى من الله واجبٌ، والمعنى أن يكون قريباً في حكم الله { يوم يدعوكم } أي من قبوركم، وقيل: هو النداء بالخروج إلى أرض المحشر { فتستجيبون } أي تجيبون مضطرين صاغرين { بحمده } أي حامدين الله على نعمه، وقيل: تحمدونه حيث لا ينفعكم الحمد، قال جار الله: والدعاء والاستجابة كلاهما مجاز والمعنى يوم يبعثكم فتنبعثون مطاوعين منقادين لا تمتنعوا، وقوله: { بحمده } حال منهم أي حامدين وهي مبالغة في انقيادهم للبعث { وتظنون إن لبثتم إلاَّ قليلاً } في الدنيا والقبر وإنما هو تقرير الوقت كما قال الحسن: كأنك بالدنيا لم تكن وبالآخرة لم تزل، وقيل: إن لبثتم إلا قليلاً بطول لبثكم في الآخرة.