الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الأعقم/ الأعقم (ت القرن 9 هـ) مصنف و مدقق


{ مَّن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً } * { وَمَنْ أَرَادَ ٱلآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً } * { كُلاًّ نُّمِدُّ هَـٰؤُلاۤءِ وَهَـٰؤُلاۤءِ مِنْ عَطَآءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً } * { ٱنظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً } * { لاَّ تَجْعَل مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَّخْذُولاً } * { وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ ٱلْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً } * { وَٱخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ ٱلذُّلِّ مِنَ ٱلرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ٱرْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً } * { رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُوراً }

قوله تعالى: { من كان يريد العاجلة } الآية نزلت في قوم من المجاهدين طلبوا عاجل الدنيا وهو الغنائم دون ثواب الله، ومعناه من كان يريد العاجلة أي النعمة العاجلة وهي الدنيا { عجلنا له فيها ما نشاء } من البسط، فتعلق ذلك بمشيئته لا بمشيئة العبد فقد يشاء العبد ما لا يشاء الله تعالى { ثم جعلنا له جهنم } أي مأوى من يريد الدنيا { يصلاها مذموماً } معيباً، يعني يذمه الله ويعيبه وكذلك الملائكة والمؤمنون { مدحوراً } مطروداً مبعداً من رحمته { ومن أراد الآخرة } أي نعيمها وثوابها { وسعى لها سعيها } أي عمل للآخرة لأجل الثواب { فأولئك كان سعيهم مشكوراً } عند الله { كُلاًّ نمدّ هؤلاء } يعني من تقدم ذكره ممن يريد العاجلة ويريد الآخرة نمدّ أي نعطي البر والفاجر من رزقه في الدنيا والآخرة المؤمنين خاصة { من عطاء ربك } أي نعمة { وما كان عطاء ربك محظوراً } ، قيل: ممنوعاً محبوساً من البر والفاجر { انظر } يا محمد أو أيها السامع { كيف فضلنا بعضهم على بعض } ، قيل: في الرزق باغناء بعضهم وافقار آخرين، وأصح قوم وأسقم قوم آخرين { وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلاً } { لا تجعل مع الله الها آخر فتقعد مذموماً مخذولاً } يذمك الله وملائكته والعلماء، مخذولاً لا ناصر لك { وقضى ربك } أمر، وقيل: ألزم وأوجب { ألاَّ تعبدوا إلاَّ إياه وبالوالدين إحساناً } أو بأن تحسنوا بالوالدين إحساناً { إمَّا يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف } أراد تأكيد الأمر بالإِحسان اليهما، وفي أفٍّ ثلاث قراءات بكسر الفاء من غير تنوين، وقرأ أبو عمرو وحمزة بفتح الفاء من غير تنوين، ابن كثير الفاء والتنوين، نافع لا يؤخرهما { وقل لهما قولاً كريماً } حسناً جميلاً، ويدل عليه أن الدعاء لهما مندوب كما قال: { وقل رب ارحمهما } وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " رضا الله في رضا الوالدين وسخطه في سخطهما ".

" وشكا رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن أباه يأخذ ماله، فدعا به فإذا بشيخ يتوكّأ على عصا فسأله فقال: إنه كان ضعيفاً وأنا قوي وفقيراً وأنا غني فكنت لا أمنعه شيئاً من مالي واليوم أنا ضعيف وهو قوي وفقير وهو غني ويبخل عليّ بماله، فبكى (عليه السلام) وقال: " ما من حجر ولا مدر سمع هذا إلا بكى " ثم قال للولد: " أنت وما لك لأبيك " وشكا اليه آخر سوء خلق أمَّه فقال: " لم تكن سيئة الخلق حين حملتك لم تكن كذلك حين أرضعتك " وروي: " يفعل العاق ما شاء أن يفعل فلن يدخل الجنة " وعنه (عليه السلام): " إياكم وعقوق الوالدين فإن الجنة يوجد ريحها من مسير ألف عام ولا يجد ريحها عاق ولا قاطع رحم ولا شيخ زان " { واخفض لهما جناح الذل من الرحمة } المراد بالجناح الجناب أي ليّن لهما جناحك { وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً } ، قوله: { ربكم أعلم بما في نفوسكم } بما في ضمائركم، قوله تعالى: { إن تكونوا صالحين } قاصدين الانصلاح والبر ثم فرطت منكم في حال الغضب { فإنه كان للأوابين غفوراً } الذين يتوبون مرة بعد مرة، وروي أنه قال: كلما أذنبت بادرت بالتوبة وهم الذين يصلون بين المغرب والعشاء.