الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الأعقم/ الأعقم (ت القرن 9 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَنذِرِ ٱلنَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ ٱلْعَذَابُ فَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ رَبَّنَآ أَخِّرْنَآ إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ ٱلرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوۤاْ أَقْسَمْتُمْ مِّن قَبْلُ مَا لَكُمْ مِّن زَوَالٍ } * { وَسَكَنتُمْ فِي مَسَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ ٱلأَمْثَالَ } * { وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ ٱللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ ٱلْجِبَالُ } * { فَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ ذُو ٱنْتِقَامٍ } * { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ وَبَرَزُواْ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } * { وَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي ٱلأَصْفَادِ } * { سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَىٰ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ } * { لِيَجْزِىَ ٱللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } * { هَـٰذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُوۤاْ أَنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ }

{ وأنذر الناس } بالقرآن { يوم يأتيهم العذاب } وهو يوم القيامة { أخّرنا إلى أجل قريب } ردنا إلى الدنيا وأمهلنا إلى أمد قريب نتدارك ما فرطنا فيه من إجابة دعوتك واتباع رسلك، وقيل: عند الموت يقولون ذلك، فقال تعالى مجيباً لهم ويحتمل أن بعض الملائكة أجابهم توبيخاً لهم: { أولم تكونوا أقسمتم } حلفتم من قبل في الدنيا { ما لكم من زوال } أي لا نبعث وإنما هي الحياة الدنيا كقولهم لا يبعث الله من يموت بلي، وقيل: تم الكلام على قوله: { أقسمتم من قبل } يريد أقسموا بالله جهد ايمانهم لا يبعث الله من يموت، ثم ابتدأ فقال: ما لكم من زوال يريد عما أنتم فيه ولا تجابون إلى ما تريدون ثم زادهم توبيخاً فقال: { وسكنتم في مساكن الذي ظلموا أنفسهم } ، قيل: سكنتم ديار من كذب الرسل، وكذلك سكنوا الظلمة مساكن من كان قبلهم ممن كانوا أعظم شأن، وقيل: مساكنهم دورهم، وقيل: أراد رأيتم قبورهم { وتبين لكم كيف فعلنا بهم } أي عرفتم ما نزل بهم من البلاء والهلاك والعذاب المعجل { وضربنا لكم الأمثال } أي الأشباه، وقيل: ضربنا لكم صفات ما فعلوا وما فعل بهم { وقد مكروا مكرهم } ، قيل: احتالوا ودبروا لجميع ما كان عندهم، قيل: هم كفار قريش دبروا في أمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقيل: الأمم الماضية { وعند الله مكرهم } يعني مكتوب عند الله مكرهم فهو مجازيهم { وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال } المراد استعظام مكرهم { فلا تحسبَّن الله مخلف وعده رسله } ، قوله:إنا لننصر رسلنا } [غافر: 51]كتب الله لأغلبن أنا ورسلي } [المجادلة: 21]إن الله لا يخلف الميعاد } [آل عمران: 9] { إن الله عزيز ذو انتقام } لأوليائه من أعدائه { يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات } التبديل التغيير واختلف في تبديل الأرض والسماوات قيل: تبدل أوصافها تسير على الأرض جبالها وتفجر بحارها وتستوي فلا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً، وعن ابن عباس: هي تلك الأرض وإنما تغيّر وأنشد:

وما الناس بالناس الذين عرفتهم   ولا الدار بالدار التي كنت تعرفُ
وتبديل السماء بانتشار كواكبها، وكسوف شمسها، وخسوف قمرها، وانشقاق قمرها وكونها أتراباً، وقيل: يخلق بدلها أرض وسماوات أخر، وعن ابن مسعود وأنس يحشر الناس على أرض بيضاء لم يخط عليها أحد خطيئة، وعن علي (عليه السلام): " تبدل أرض من فضة وسموات من ذهب " وروي أرض من فضة بيضاء كالصحائف { وترى المجرمين } المرطين بالمعاصي { يومئذ مقرنين في الأصفاد } فوق بعضهم مع بعض ومع الشياطين، وقرنت أيديهم إلى أرجلهم مغللين، والأصفاد القيود، وقيل: الأغلال { سرابيهلم من قطران } السرابيل جمع سربال وهو القميص، وقيل: ما لبس فهو سربال من قطران، والقطران النحاس والصفر المذاب { وتغشى وجوههم النار ليجزي الله كل نفس } بحرمة { ما كسبت } وقيل: ما عملت، قوله تعالى: { إن الله سريع الحساب } ، قيل: يحاسب مع كل أحد، أسرع من طرفة عين { هذا بلاغ } كفاية في التذكير والموعظة { ولينذروا به } أي يخوفوا به { وليعلموا إنما هو إله واحد وليذكر أولو الألباب } أي ذوو العقول والله أعلم.