الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الأعقم/ الأعقم (ت القرن 9 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } * { وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىۤ إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّيۤ أَنَاْ أَخُوكَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ ٱلسِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا ٱلْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ } * { قَالُواْ وَأَقْبَلُواْ عَلَيْهِمْ مَّاذَا تَفْقِدُونَ } * { قَالُواْ نَفْقِدُ صُوَاعَ ٱلْمَلِكِ وَلِمَن جَآءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ } * { قَالُواْ تَٱللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ } * { قَالُواْ فَمَا جَزَآؤُهُ إِن كُنتُمْ كَاذِبِينَ } * { قَالُواْ جَزَآؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلظَّالِمِينَ }

{ ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم } ، قيل: كان في مصر أربعة أبواب فدخلوها من أبوابها منفردين { ما كان يغني عنهم من الله من شيء } أي لم يغن عنهم ذلك الاحتياط شيئاً إذا أراد الله ابتلاهم بشيء { إلاَّ حاجة في نفس يعقوب قضاها } كأن يراه صواباً، قيل: ما كان يخاف عليهم من العين والحسد، وقيل: أراد أن يدفع الله تعالى عن ولده ويردهم عليه، ثم بيّن تعالى دخولهم مصر وكيف جرى الأمر فقال تعالى: { ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه } بنيامين وضمه اليه، وروي أنهم قالوا هذا أخونا قد جئناك به، فقال: أحسنتم وأصبتم وستجدون ذلك عندي ثم أكرمهم وأضافهم وأجلس كل اثنين منهم على مائدة فبقي بنيامين وحده فبكى وقال: لو كان أخي يوسف حياً لأجلسني معه، فقال يوسف (عليه السلام): بقي أخوكم وحيداً فأجلسه معه على مائدة وبات معه، فبات يوسف (عليه السلام) يضمه اليه، فقال يوسف: أتحب أن أكون بدلاً من أخيك؟ فقال: من يجد أخاً مثلك ولكن لم يلدك يعقوب، فقال له: { إني أنا أخوك } يوسف { فلا تبتئس } أي لا تحزن { بما كانوا يعملون } وروي أن بنيامين قال له: فإني لا أفارقك، قال: قد علمت اغتمام والدي، فإذا حبستك ازداد غمه ولا سبيل لي إلى ذلك من، أي المصلحة في حبس أخيه، فجعل السقاية في رحل أخيه، وقوله: { فلما جهزهم بجهازهم } قضى حاجتهم وجعل لكل واحد حمل بعير { جعل السقاية } ، قيل: هي المشربة التي كان يشرب بها الملك، وقيل: كأساً من ذهب، وقيل: كان يسقي بها الملك فلما جاء القحط جعلها يوسف مكيالاً { في رحل أخيه } التي يحمل فيها الطعام، ثم ارتحلوا فانطلقوا فأدركوا فحبسوا { ثم أذّن مؤذّن } أي نادى منادٍ { أيتها العير } القافلة { إنكم لسارقون } ومتى قيل: لم جاز النداء بالكذب؟ قالوا فيه: أن يوسف لم يأمرهم بذلك ولم يعلمهم وإنما أمر بجعل السقاية في رحل أخيه، فلما فقدها المتوكلون اتهموهم بسرقها فنادوهم بذلك، وقيل: عنوا به أنكم لسارقون يوسف على أبيه، قال أبو علي: أعلم أخاه أنه يحتال لاحتباسه عنده { قالوا وأقبلوا عليهم } لما سمعوا النداء أقبلوا على المنادي أي عطفوا عليه بوجوههم وقالوا: { ماذا تفقدون } أي ما الذي ضلَّ عليكم { قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم } أي كفيل، بقوله المنادي وكان زعيم القوم { قالوا } يعني أخوة يوسف (عليه السلام) { تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض } روي أنهم لما دخلوا مصر سدُّوا أفواه دوابهم كيلا تتناول حرث الناس، وكانوا لا يظلمون أحداً، ولا يطأون زرعاً، ومتى قيل: لم نودوا بالسرقة ولم يسرقوا؟ فالجواب ما تقدم، وقيل: كان ذلك في علم يوسف أنهم يسرقونه من أمه { وما كنا سارقين } أي ما كنا نوصف قط بالسرقة { قالوا فما جزاؤه } ، قيل: السارق، وقيل: جزاء السارق { إن كنتم كاذبين } في قولكم ما كنا سارقين { قالوا جزاؤه من وجد في رحله } أي جزاء سرقته أخذ من وجد في رحله وكان حكم السارق في أولاد يعقوب أن يسترق سنة، وقوله: { فهو جزاؤه } تقدير الحكم فأخذ السارق نفسه هو جزاؤه لا غير.