الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الأعقم/ الأعقم (ت القرن 9 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ ٱلْمَلِكُ ٱئْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَآءَهُ ٱلرَّسُولُ قَالَ ٱرْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ ٱلنِّسْوَةِ ٱللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ } * { قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوۤءٍ قَالَتِ ٱمْرَأَتُ ٱلْعَزِيزِ ٱلآنَ حَصْحَصَ ٱلْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدْتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { ذٰلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِٱلْغَيْبِ وَأَنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ ٱلْخَائِنِينَ } * { وَمَآ أُبَرِّىءُ نَفْسِيۤ إِنَّ ٱلنَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِٱلسُّوۤءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيۤ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { وَقَالَ ٱلْمَلِكُ ٱئْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ ٱلْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ } * { قَالَ ٱجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَآئِنِ ٱلأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ }

{ وقال الملك ائتوني به } ، قيل: معناه ولما رجع الساقي إلى الملك وأخبره بحديث يوسف (عليه السلام) وتعبيره الرؤيا { قال الملك ائتوني به } يعني بيوسف الذي عبر الرؤية { فلما جاءه الرسول } يعني رسول الملك جاء إلى يوسف (عليه السلام) فقال: أجب الملك فقال يوسف: { ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن } أي ما شأنهنَّ؟، وقيل: ما ذنبي في النسوة؟ قال ابن عباس: إن خرج يوسف (عليه السلام) من السجن يومئذ قبل أن يعلم الملك شأنه ما زالت نفس العزيز منه يقول هذا الذي راود امرأتي، وقيل: ما أحب أن يخرج حتى يعلم طهارته وعصمته وبراءته مما قذف فيه وأنه حبس ظلماً { إن ربي بكيدهن عليم } { قال ما خطبكن إذ راودتن } وفي الكلام حذف تقديره لما سمع الملك ذلك دعاهن ودعا امرأة العزيز وقال: ما خطبكنَّ؟ أي ما شأنكنَّ وما أمركنَّ؟ وأمر { يوسف عن نفسه قلن حاشَ لله } أي عياذاً بالله وتنزيهاً من هذا الأمر وأن نقول عليه سوءاً { ما علمنا عليه من سوء } فاعترفوا ببراءته وإنهنَّ ظلمنه وحبس مظلوماً { الآن حصحص الحق } أي تبين وظهر عن ابن عباس { أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين } في كلامه { ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب } أي لم أخنه في حال غيبته، أي ردّي الرسول وامتناعي من الخروج ليعلم العزيز أني لم أخنه بالغيب، وقيل: ليعلم الملك أني لم أخن العزيز، وقيل: ذلك الإقرار ليعلم يوسف اني لم أخنه بالغيب، وروي أن الملك قطفير أسلم والله أعلم { وأن الله لا يهدي كيد الخائنين }. قوله تعالى: { وما أبرئ نفسي } ، قيل: هذا من كلام يوسف، قال الحسن: لما زكى نبي الله نفسه استدرك فقال: { وما أبرئ نفسي } ، وقيل: هو من كلام امرأة العزيز، ومعنى ذلك أي لا أمدح نفسي ولا أحكم لها بالبراءة، وقيل: ما أبرئ نفسي عن ذنب هممت به { إن النفس لأمَّارة بالسوء } إذا غلبت الشهوة، وقوله: النفس أراد الجنس، لأمَّارة بالسوء: أي بحب الشهوات وتدعو اليها وإن كانت قبيحة { إلاَّ ما رحم ربي } أي رحمه فعصمه كالملائكة، وقيل: عصمه بألطافه فاعتصم، وقيل: هو من كلام يوسف (عليه السلام) بيَّن أن إمتناعه منها كان بحول الله تعالى وقوته ولطفه، وقيل: من كلام امرأة العزيز، ويدل على توبتها، ولما تبيَّن الملك أمانة يوسف وبراءته وعلمه أمر بإحضاره ليجعله من خلصائه، كما حكى الله تعالى بقوله: { وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي } أي أجعله خالصاً لي في تدبيري ومهمات أمري { فلما كلمه } فيه حذف يعني فلما جاءه الرسول وخرج من السجن ودخل على الملك وكلمه الملك: { قال إنك اليوم لدينا مكين أمين } ، قيل: كان ليوسف يومئذ ثلاثين سنة، ثم قال: إني أحب أن أسمع رؤياي، فأعادها عليه فقال الملك: ومن يكفيني هذا الأمر؟ فقال يوسف: { اجعلني على خزائن الأرض } يعني أرض مصر { إني حفيظ عليم } بوجوه التدابير فيها وذلك أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) علم أنه إذا تولى الخزائن وتمكن منها آل الأمر إليه، فلهذا طلب ذلك، ففوض الملك أمر مصر اليه وعزل قطفير نفسه، وسلم سلطانه وخزائن أرضه إلى يوسف، ودخل بيته، وهلك العزيز في تلك الأيام، وتزوج يوسف امرأته، واستوى له ملك مصر فعدل فيما بينهم، وأحبه الرجال والنساء.