{ وقال نسوة } جماعة من النساء وكنّ خمساً { امرأةُ العزيز } يريد قطفير والعزيز الملك بلسان العرب { تراود فتاها } غلامها { عن نفسه قد شغفها حباً } وصل إلى الفؤاد وهو حجاب القلب، وقيل: جلدة رقيقة يقال لها لسان القلب { إنَّا لنراها في ضلال مبين } يعني في خطأ وبعدٍ عن طريق الصواب { فلما سمعت } راعيل { بمكرهنّ } بقولهنّ { أرسلت إليهنَّ } ، قيل: أرادت إبلاغ عذرها، وقيل: أرادت إيقاعهن فيما وقعت فيه، قال وهب: اتخذت مائدة ودعت أربعين امرأة منهنَّ { وأعتدت } أي أعدت { لهنَّ متكئا } أي مجلساً وما يتكأ عليه من النمارق والوسائد { وآتت كل واحدة منهن سكيناً } لقطع الفواكه { وقالت اخرج عليهنَّ } وكانت أجلسته غير مجلسهنّ فأمرته بالخروج إما للخدمة أو للسلام { فلما رأينه أكبرنَهُ } أي عظّمنه وكان (عليه السلام) كالقمر ليلة البدر { وقطّعن أيديهن } بتلك السكاكين وهنَّ يحسبن أنها الأترج والفواكه، وقيل: جرحنَّ أيديهنّ، وقيل: ما أحسسن إلاَّ بالدم { وقلن حاشَ لله } أي برأه الله سبحانه من كل سوء أن يكون هذا بشراً { إن هذا إلا ملك كريم } { قالت } يعني امرأة العزيز قالت: { فذلكنَّ الذي لمتُنَّني فيه } أي في حبي إياه ثم إنها أقرت على نفسها واعترفت ببراءة يوسف فقالت: { ولقد راودته عن نفسه } أي أردت منه الفاحشة { فاستعصم } أي امتنع بالله وسأله العصمة { ولئن لم يفعل ما آمره } أي إن لم يطعني فيما دعوته إليه { ليسجنن وليكوناً من الصاغرين } وذلك إنهنَّ زيّن له مطاوعتها، وقلن له: إياك وإلقاء نفسك في السجن والصغار فالتجأ إلى ربه { قال رب } نزول { السجن أحب إليّ } من ركوب المعصية قال جار الله: فإن قلت نزول السجن مشقة على النفس شديدة وما دعته اليه لذة عظيمة فكيف كانت أحب إليه وأثر عنده، قلت: نظر إلى حسن الصبر في احتمالها لوجه الله وفي قبح المعصية { وإلاّ تصرف عني } أي تصرف عني بإلطافك وصنعك { كيدهنَّ } أي حيلتهن وهو إظهار المحاسن والتزين بالزينة { أصب اليهن } أميل اليهنَّ لأنهنَّ راودنه وقلن له: أطع مولاتك { وأكن من الجاهلين } من الذين لا يعملون بما يعلمون { فاستجاب له ربه } يعني فعل له ما شاءه وأجابه { فصرف عنه كيدهنَّ } حيلتهن { إنه هو السميع العليم } { ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات } أي عاينوا، قيل: أراد العلامات والمعنى بدا لهم أي أظهر لهم رأي { ليسجننَّه } وذلك أنها قالت لزوجها: إن هذا العبد فضحني ولا أقدر على الاعتذار فإما أن تحبسه، أو تأمرني بحبسه، أو تأذن لي بحبسه { حتى حين } أي إلى وقت، قيل: سبع سنين، وقيل: عشر.