{ ثم بعثنا من بعدهم } أي من بعد الرسل، وقيل: بعد الأمم { موسى وهارون إلى فرعون ومَلَئِهِ } ، قيل: أشراف قومه { بآياتنا } يعني الآيات التسع { فاستكبروا } عنه أي طلبوا الكبر فتكبروا عن قبول الحق، قوله تعالى: { وكانوا قوماً مجرمين } عاصين { فلمّا جاءهم الحق من عندنا } يعني ما أتى به موسى من الآيات { قالوا ان هذا لسحر مبين } أي أمر مموّه لا أصل له { قال موسى } لهم { أتقولون للحق لما جاءكم أسحر هذا } يعني كيف تقولون للمعجزات أنها سحر باطل وللعجر حق { قالوا } يعني فرعون وقومه لموسى { أجئتنا لتلفتنا } لتصرفنا { عما وجدنا عليه آباءنا } من الدين { وتكون لكما الكبرياء } ، قيل: الملك، وقيل: السلطان { في الأرض } يعني أرض مصر { وما نحن لكما بمؤمنين } بمصدقين، ثم بيَّن تعالى ما جرى بين موسى وبين فرعون من الجدال فقال سبحانه: { وقال فرعون ائتوني بكل ساحر عليم } في سحره { فلما جاء السحرة } في الكلام حذف يدل عليه الظاهر تقديره فلما أتى السحرة بالحبال والعصي { قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون } ، قيل: اطرحوا { ما جئتم به السِّحر إن الله سيبطله } أي سميحقه أو يظهر بطلانه بإظهار المعجزة { إلاَّ ذرية من قومه } أي إلا طائفة من ذراري بني إسرائيل وهذا في أول أمره { على خوف من فرعون وملئِهم } أي أشراف بني إسرائيل { أن يفتنهم } عن دينهم { وإن فرعون لعال في الأرض } غالب فيها قاهر { وإنه لمن المسرفين } في الظلم والفساد وفي الكبر والعتوّ { وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بالله } صدقتم به وبآياته { فعليه توكلوا } فإليه أسندوا أمركم في العصمة من فرعون، ثم شرط في التوكل الاسلام وهو أن يسلموا نفوسهم لله تعالى أي يجعلونها سالمة له خالصة لا حظ للشيطان فيها { فقالوا على الله توكلنا } وإنما قالوا ذلك لأن القوم كانوا مخلصين لا جرم أن الله قبل توكلهم وأجاب دعاءهم ونجاهم وأهلك من كانوا يخافونه وجعلهم خلفاً في أرضه.