الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذَا زُلْزِلَتِ ٱلأَرْضُ زِلْزَالَهَا } * { وَأَخْرَجَتِ ٱلأَرْضُ أَثْقَالَهَا } * { وَقَالَ ٱلإِنسَانُ مَا لَهَا } * { يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا } * { بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا } * { يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ ٱلنَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْاْ أَعْمَالَهُمْ } * { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ } * { وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ }

بيان ذكر للقيامة وصدور الناس للجزاء وإشارة إلى بعض أشراطها وهي زلزلة الأرض وتحديثها أخبارها. والسورة تحتمل المكية والمدنية. قوله تعالى { إذا زلزلت الأرض زلزالها } الزلزال مصدر كالزلزلة، وإضافته إلى ضمير الأرض تفيد الاختصاص، والمعنى إذا زلزلت الأرض زلزلتها الخاصة بها فتفيد التعظيم والتفخيم أي أنها منتهية في الشدة والهول. قوله تعالى { وأخرجت الأرض أثقالها } الأثقال جمع ثقل بفتحتين بمعنى المتاع أو خصوص متاع المسافر أو جمع ثقل بالكسر فالسكون بمعنى الحمل، وعلى أي حال المراد بأثقالها التي تخرجها، الموتى على ما قيل أو الكنوز والمعادن التي في بطنها أو الجميع ولكل قائل وأول الوجوه أقربها ثم الثالث لتكون الآية إشارة إلى خروجهم للحساب، وقوله { يومئذ يصدر الناس } إشارة إلى انصرافهم إلى الجزاء. قوله تعالى { وقال الإنسان ما لها } أي يقول مدهوشاً متعجباً من تلك الزلزلة الشديدة الهائلة ما للأرض تتزلزل هذا الزلزال، وقيل المراد بالإِنسان الكافر غير المؤمن بالبعث، وقيل غير ذلك كما سيجيء. قوله تعالى { يومئذ تحدِّث أخبارها بأن ربَّك أوحى لها } فتشهد على أعمال بني آدم كما تشهد بها أعضاؤهم وكتَّاب الأعمال من الملائكة وشهداء الأعمال من البشر وغيرهم. وقوله { بأن ربك أوحى لها } اللام بمعنى إلى لأن الايحاء يتعدى بإلى والمعنى تحدث أخبارها بسبب أن ربك أوحى إليها أن تحدّث فهي شاعرة بما يقع فيها من الأعمال خيرها وشرها متحملة لها يؤذن لها يوم القيامة بالوحي أن تحدث أخبارها وتشهد بما تحملت، وقد تقدم في تفسير قوله تعالىوإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم } الإسراء 44، وقولهقالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء } فصلت 21 أن المستفاد من كلامه سبحانه أن الحياة والشعور ساريان في الأشياء وإن كنا في غفلة من ذلك. وقد اشتد الخلاف بينهم في معنى تحديث الأرض بالوحي أهو بإعطاء الحياة والشعور للأرض الميتة حتى تخبر بما وقع فيها أو بخلق صوت عندها وعد ذلك تكلماً منها أو دلالتها بلسان الحال بما وقع فيها من الأعمال، ولا محل لهذا الاختلاف بعد ما سمعت ولا أن الحجة تتم على أحد بهذا النوع من الشهادة. قوله تعالى { يومئذ يصدر الناس أشتاتاً ليروا أعمالهم } الصدور انصراف الإِبل عن الماء بعد وروده، وأشتات كشتى جمع شتيت بمعنى المتفرق، والآية جواب بعد جواب لإِذا. والمراد بصدور الناس متفرقين يومئذ انصرافهم عن الموقف إلى منازلهم في الجنة والنار وأهل السعادة والفلاح منهم متميزون من أهل الشقاء والهلاك، وإراءتهم أعمالهم إراءتهم جزاء أعمالهم بالحلول فيه أو مشاهدتهم نفس أعمالهم بناء على تجسُّم الأعمال. وقيل المراد به خروجهم من قبورهم إلى الموقف متفرقين متميزين بسواد الوجوه وبياضها وبالفزع والأمن وغير ذلك لإِعلامهم جزاء أعمالهم بالحساب والتعبير عن العلم بالجزاء بالرؤية وعن الإِعلام بالإِراءة نظير ما في قوله تعالى

السابقالتالي
2 3