الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ } * { خَلَقَ ٱلإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ } * { ٱقْرَأْ وَرَبُّكَ ٱلأَكْرَمُ } * { ٱلَّذِى عَلَّمَ بِٱلْقَلَمِ } * { عَلَّمَ ٱلإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } * { كَلاَّ إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ } * { أَن رَّآهُ ٱسْتَغْنَىٰ } * { إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلرُّجْعَىٰ } * { أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي يَنْهَىٰ } * { عَبْداً إِذَا صَلَّىٰ } * { أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَىٰ ٱلْهُدَىٰ } * { أَوْ أَمَرَ بِٱلتَّقْوَىٰ } * { أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } * { أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ ٱللَّهَ يَرَىٰ } * { كَلاَّ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعاً بِٱلنَّاصِيَةِ } * { نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ } * { فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ } * { سَنَدْعُ ٱلزَّبَانِيَةَ } * { كَلاَّ لاَ تُطِعْهُ وَٱسْجُدْ وَٱقْتَرِب }

بيان أمر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بتلقي القرآن بالوحي منه تعالى وهي أول سورة نزلت من القرآن، وسياق آياتها لا يأبى نزولها دفعة واحدة كما سنشير إليه، وهي مكية قطعاً. قوله تعالى { اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإِنسان من علق } قال الراغب والقراءة ضم الحروف والكلمات بعضها إلى بعض في الترتيل، وليس يقال ذلك لكل جمع لا يقال قرأت القوم إذا جمعتهم، ويدل على ذلك أنه لا يقال للحرف الواحد إذا تفوّه به قراءة انتهى. وعلى أي حال، يقال قرأت الكتاب إذا جمعت ما فيه من الحروف والكلمات بضم بعضها إلى بعض في الذهن وإن لم تتلفظ بها، ويقال قرأته إذا جمعت الحروف والكلمات بضم بعضها إلى بعض في التلفظ، ويقال قرأته عليه إذا جمعت بين حروفه وكلماته في سمعه ويطلق عليها بهذا المعنى التلاوة أيضاً قال تعالىرسول من الله يتلو صحفاً مطهرة } البينة 2. وظاهر إطلاق قوله { اقرأ } المعنى الأول والمراد به الأمر بتلقي ما يوحيه إليه ملك الوحي من القرآن فالجملة أمر بقراءة الكتاب وهي من الكتاب كقول القائل في مفتتح كتابه لمن أرسله إليه اقرأ كتابي هذا واعمل به فقوله هذا أمر بقراءة الكتاب وهو من الكتاب. وهذا السياق يؤيد أولاً ما ورد أن الآيات أول ما نزل من القرآن على النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وثانياً أن التقدير اقرأ القرآن أو ما في معناه، وليس المراد مطلق القراءة باستعمال { اقرأ } استعمال الفعل اللازم بالإِعراض عن المفعول، ولا المراد القراءة على الناس بحذف المتعلق وإن كان ذلك من أغراض النزول كما قالوقرآناً فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلاً } الإسراء 106، ولا أن قوله { باسم ربك } مفعول { اقرأ } والباء زائدة والتقدير اقرأ اسم ربك أي بسمل. وقوله { باسم ربك } متعلق بمقدّر نحو مفتتحاً ومبتدئاً أو باقرأ والباء للملابسة ولا ينافي ذلك كون البسملة المبتداة بها السورة جزء من السورة فهي من كلام الله افتتح سبحانه بها وأمر أن يقرأ مبتدئاً بها كما أمر أن يقرأ قوله { اقرأ باسم } الخ ففيه تعليم بالعمل نظير الأمر بالاستثناء في قولهولا تقولنّ لشيء إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله } الكهف 23 فافهم ذلك. وفي قوله { ربك الذي خلق } إشارة إلى قصر الربوبية في الله عز اسمه وهو توحيد الربوبية المقتضية لقصر العبادة فيه فإن المشركين كانوا يقولون إن الله سبحانه ليس له إلا الخلق والإِيجاد وأما الربوبية وهي الملك والتدبير فلمقرّبي خلقه من الملائكة والجن والإِنس فدفعه الله بقوله { ربك الذي خلق } الناص على أن الربوبية والخلق له وحده.

السابقالتالي
2 3 4 5 6