الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلضُّحَىٰ } * { وَٱللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ } * { مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ } * { وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ ٱلأُولَىٰ } * { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ } * { أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَىٰ } * { وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فَهَدَىٰ } * { وَوَجَدَكَ عَآئِلاً فَأَغْنَىٰ } * { فَأَمَّا ٱلْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ } * { وَأَمَّا ٱلسَّآئِلَ فَلاَ تَنْهَرْ } * { وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ }

بيان قيل انقطع الوحي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أياماً حتى قالوا إن ربه ودَّعه فنزلت السورة فطيَّب الله بها نفسه، والسورة تحتمل المكية والمدنية. قوله تعالى { والضحى والليل إذا سجى } إقسام، والضحى - على ما في المفردات - انبساط الشمس وامتداد النهار وسمي الوقت به، وسجو الليل سكونه وهو غشيان ظلمته. قوله تعالى { ما ودَّعك ربك وما قلى } التوديع الترك، والقلى بكسر القاف البغض أو شدته، والآية جواب القسم، ومناسبة نور النهار وظلمة الليل لنزول الوحي وانقطاعه ظاهرة. قوله تعالى { وللآخرة خير لك من الأولى } في معنى الترقي بالنسبة إلى ما تفيده الآية السابقة من كونه صلى الله عليه وآله وسلم على ما هو عليه من موقف الكرامة والعناية الإِلهية كأنه قيل أنت على ما كنت عليه من الفضل والرحمة مادمت حياً في الدنيا وحياتك الآخرة خير لك من حياتك الدنيا. قوله تعالى { ولسوف يعطيك ربك فترضى } تقرير وتثبيت لقوله { وللآخرة خير لك من الأولى } وقد اشتمل الوعد على عطاء مطلق يتبعه رضى مطلق. وقيل الآية ناظرة إلى الحياتين جميعاً دون الحياة الآخرة فقط. قوله تعالى { ألم يجدك يتيماً فآوى } الآية وما يتلوها من الآيتين إشارة إلى بعض نعمه تعالى العظام عليه صلى الله عليه وآله وسلم فقد مات أبوه وهو في بطن أمه ثم ماتت أمه وهو ابن سنتين ثم مات جده الكفيل له وهو ابن ثمان سنين فكفله عمه ورباه. وقيل المراد باليتيم الوحيد الذي لا نظير له في الناس كما يقال درٌ يتيم، والمعنى ألم يجدك وحيداً بين الناس فآوى الناس إليك وجمعهم حولك. قوله تعالى { ووجدك ضالاً فهدى } المراد بالضلال عدم الهداية والمراد بكونه صلى الله عليه وآله وسلم ضالاً حاله في نفسه مع قطع النظر عن هدايته تعالى فلا هدى له صلى الله عليه وآله وسلم ولا لأحد من الخلق إلا بالله سبحانه فقد كانت نفسه في نفسها ضالة وإن كانت الهداية الإِلهية ملازمة لها منذ وجدت فالآية في معنى قوله تعالىما كنت تدري ما الكتاب ولا الإِيمان } الشورى 52، ومن هذا الباب قول موسى على ما حكى الله عنهفعلتها إذاً وأنا من الضالين } الشعراء 20 أي لم أهتد بهدي الرسالة بعد. ويقرب منه ما قيل إن المراد بالضلال الذهاب من العلم كما في قولهأن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى } البقرة 282، ويؤيده قولهوإن كنت من قبله لمن الغافلين } يوسف 3. وقيل المعنى وجدك ضالاً بين الناس لا يعرفون حقك فهداهم إليك ودلهم عليك. وقيل إنه إشارة إلى ضلاله في طريق مكة حينما كانت تجيء به حليمة بنت أبي ذؤيب من البدو إلى جده عبد المطلب على ما روي.

السابقالتالي
2