الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلشَّمْسِ وَضُحَاهَا } * { وَٱلْقَمَرِ إِذَا تَلاَهَا } * { وَٱلنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا } * { وَٱللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا } * { وَٱلسَّمَآءِ وَمَا بَنَاهَا } * { وَٱلأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا } * { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا } * { فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا } * { قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا } * { وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا } * { كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَآ } * { إِذِ ٱنبَعَثَ أَشْقَاهَا } * { فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ ٱللَّهِ نَاقَةَ ٱللَّهِ وَسُقْيَاهَا } * { فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا } * { وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا }

بيان تذكر السورة أن فلاح الانسان - وهو يعرف التقوى والفجور بتعريف إلهي وإلهام باطني - أن يزكي نفسه وينميها إنماء صالحاً بتحليتها بالتقوى وتطهيرها من الفجور، والخيبة والحرمان من السعادة لمن يدسِّيها، ويستشهد لذلك بما جرى على ثمود من عذاب الاستئصال لما كذبوا رسولهم صالحاً وعقروا الناقة، وفي ذلك تعريض لأهل مكة، والسورة مكية بشهادة من سياقها. قوله تعالى { والشمس وضحاها } في المفردات الضحى انبساط الشمس وامتداد النهار وسمي الوقت به انتهى. والضمير للشمس، وفي الآية إقسام بالشمس وانبساط ضوئها على الأرض. قوله تعالى { والقمر إذا تلاها } عطف على الشمس والضمير لها وإقسام بالقمر حال كونه تالياً للشمس، والمراد بتلوه لها إن كان كسبه النور منها فالحال حال دائمة وإن كان طلوعه بعد غروبها فالإِقسام به من حال كونه هلالاً إلى حال تبدّره. قوله تعالى { والنهار إذا جلاّها } التجلية الإِظهار والإِبراز، وضمير التأنيث للأرض، والمعنى وأُقسم بالنهار إذا أظهر الأرض للأبصار. وقيل ضمير الفاعل في { جلاها } للنهار وضمير المفعول للشمس، والمراد الإِقسام بحال إظهار النهار للشمس فإنها تنجلي وتظهر إذا انبسط النهار، وفيه أنه لا يلائم ما تقدمه فإن الشمس هي المظهرة للنهار دون العكس. وقيل الضمير المؤنث للدنيا، وقيل للظلمة، وقيل ضمير الفاعل لله تعالى وضمير المفعول للشمس، والمعنى وأُقسم بالنهار إذا أظهر الله الشمس، وهي وجوه بعيدة. قوله تعالى { والليل إذا يغشاها } أي يغطي الأرض، فالضمير للأرض كما في { جلاّها } وقيل للشمس وهو بعيد فالليل لا يغطي الشمس وإنما يغطي الأرض وما عليها. والتعبير عن غشيان الليل الأرض بالمضارع بخلاف تجلية النهار لها حيث قيل { والنهار إذا جلاها والليل إذا يغشاها } للدلالة على الحال ليكون فيه إيماء إلى غشيان الفجور الأرض في الزمن الحاضر الذي هو أوائل ظهور الدعوة الاسلامية لما تقدم أن بين هذه الاقسام وبين المقسم بها نوع اتصال وارتباط، هذا مضافاً إلى رعاية الفواصل. قوله تعالى { والسماء وما بناها والأرض وما طحاها } طحو الأرض ودحوها بسطها، و { ما } في { وما بناها } و { ما طحاها } موصولة، والذي بناها وطحاها هو الله تعالى والتعبير عنه تعالى بما دون من لإِيثار الإِبهام المفيد للتفخيم والتعجيب فالمعنى وأُقسم بالسماء والشيء القوي العجيب الذي بناها وأُقسم بالأرض والشيء القوي العجيب الذي بسطها. وقيل ما مصدرية والمعنى وأُقسم بالسماء وبنائها والأرض وطحوها، والسياق- وفيه قوله { ونفس وما سواها فألهمها } الخ - لا يساعده. قوله تعالى { ونفس وما سواها } أي واقسم بنفس والشيء ذي القدرة والعلم والحكمة الذي سواها ورتب خلقتها ونظم أعضاءها وعدّل بين قواها. وتنكير { نفس } قيل للتنكير، وقيل للتفخيم ولا يبعد أن يكون التنكير للإِشارة إلى أن لها وصفاً وأن لها نبأ.

السابقالتالي
2 3 4