الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ ٱلأَعْلَىٰ } * { ٱلَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ } * { وَٱلَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ } * { وَٱلَّذِيۤ أَخْرَجَ ٱلْمَرْعَىٰ } * { فَجَعَلَهُ غُثَآءً أَحْوَىٰ } * { سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَىٰ } * { إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلْجَهْرَ وَمَا يَخْفَىٰ } * { وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَىٰ } * { فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ ٱلذِّكْرَىٰ } * { سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَىٰ } * { وَيَتَجَنَّبُهَا ٱلأَشْقَى } * { ٱلَّذِى يَصْلَى ٱلنَّارَ ٱلْكُبْرَىٰ } * { ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَا } * { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ } * { وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ } * { بَلْ تُؤْثِرُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا } * { وَٱلآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } * { إِنَّ هَـٰذَا لَفِي ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ } * { صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ }

بيان أمرٌ بتوحيده تعالى على ما يليق بساحته المقدسة وتنزيه ذاته المتعالية من أن يذكر مع اسمه اسم غيره أو يسند إلى غيره ما يجب أن يسند إليه كالخلق والتدبير والرزق ووعد له صلى الله عليه وآله وسلم بتأييده بالعلم والحفظ وتمكينه من الطريقة التي هي أسهل وأيسر للتبليغ وأنسب للدعوة. وسياق الآيات في صدر السورة سياق مكي وأما ذيلها أعني قوله { قد أفلح من تزكى } الخ فقد ورد من طرق أئمة أهل البيت عليهم السلام وكذا من طريق أهل السنة أن المراد به زكاة الفطرة وصلاة العيد ومن المعلوم أن الصوم وما يتبعه من زكاة الفطرة وصلاة العيد إنما شرعت بالمدينة بعد الهجرة فتكون آيات الذيل نازلة بالمدينة. فالسورة صدرها مكّي وذيلها مدني، ولا ينافي ذلك ما جاء في الآثار أن السورة مكية فإنه لا يأبى الحمل على صدر السورة. قوله تعالى { سبِّح اسم ربك الأعلى } أمر بتنزيه اسمه تعالى وتقديسه، وإذ علّق التنزيه على الإِسم - وظاهر اللفظ الدال على المسمى - والإِسم إنما يقع في القول فتنزيهه أن لا يذكر معه ما هو تعالى منزه عنه كذكر الآلهة والشركاء والشفعاء ونسبة الربوبية إليهم وكذكر بعض ما يختص به تعالى كالخلق والإِيجاد والرزق والإِحياء والإِماتة ونحوها ونسبته إلى غيره تعالى أو كذكر بعض ما لا يليق بساحة قدسه تعالى من الأفعال كالعجز والجهل والظلم والغفلة وما يشبهها من صفات النقص والشين ونسبته إليه تعالى. وبالجملة تنزيه اسمه تعالى أن يجرد القول عن ذكر ما لا يناسب ذكره ذكر اسمه تعالى وهو تنزيهه تعالى في مرحلة القول الموافق لتنزيهه في مرحلة الفعل. وهو يلازم التوحيد الكامل بنفي الشرك الجلي كما في قولهوإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون } الزمر 45، وقولهوإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولّوا على أدبارهم نفوراً } الإسراء 46. وفي إضافة الاسم إلى الرب والرب إلى ضمير الخطاب تأييد لما قدمناه فإن المعنى سبح اسم ربك الذي اتخذته رباً وأنت تدعو إلى أنه الرب الإِله فلا يقعن في كلامك مع ذكر اسمه بالربوبية ذكر من غيره بحيث ينافي تسميه بالربوبية على ما عرّف نفسه لك. وقوله { الأعلى } وهو الذي يعلو كل عال ويقهر كل شيء صفة { ربك } دون الاسم ويعلل بمعناه الحكم أي سبح اسمه لأنه أعلى. وقيل معنى { سبح اسم ربك الأعلى } قل سبحان ربي الأعلى كما عن ابن عباس ونسب إليه أيضاً أن المعنى صل. وقيل المراد بالاسم المسمّى والمعنى نزهه تعالى عن كل ما لا يليق بساحة قدسه من الصفات والأفعال.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7