الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلسَّمَآءِ وَٱلطَّارِقِ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلطَّارِقُ } * { ٱلنَّجْمُ ٱلثَّاقِبُ } * { إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ } * { فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ } * { خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ } * { يَخْرُجُ مِن بَيْنِ ٱلصُّلْبِ وَٱلتَّرَآئِبِ } * { إِنَّهُ عَلَىٰ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ } * { يَوْمَ تُبْلَىٰ ٱلسَّرَآئِرُ } * { فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلاَ نَاصِرٍ } * { وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلرَّجْعِ } * { وَٱلأَرْضِ ذَاتِ ٱلصَّدْعِ } * { إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ } * { وَمَا هوَ بِٱلْهَزْلِ } * { إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً } * { وَأَكِيدُ كَيْداً } * { فَمَهِّلِ ٱلْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً }

بيان في السورة إنذار بالمعاد وتستدل عليه بإطلاق القدرة وتؤكد القول في ذلك، وفيها إشارة إلى حقيقة اليوم، وتختتم بوعيد الكفار. والسورة ذات سياق مكي. قوله تعالى { والسماء والطارق وما أدراك ما الطارق النجم الثاقب } الطرق في الأصل - على ما قيل - هو الضرب بشدة يسمع له صوت ومنه المطرقة والطريق لأن السابلة تطرقها بأقدامها ثم شاع استعماله في سلوك الطريق ثم اختص بالإِتيان ليلاً لأن الآتي بالليل في الغالب يجد الأبواب مغلقة فيطرقها ويدقها ثم شاع الطارق في كل ما يظهر ليلاً، والمراد بالطارق في الآية النجم الذي يطلع بالليل. والثقب في الأصل بمعنى الخرق ثم صار بمعنى النيّر المضيء لأنه يثقب الظلام بنوره ويأتي بمعنى العلو والارتفاع ومنه ثقب الطائر أي ارتفع وعلا كأنه يثقب الجو بطيرانه. فقوله { والسماء والطارق } إقسام بالسماء وبالنجم الطالع ليلاً، وقوله { وما أدراك ما الطارق } تفخيم لشأن المقسم به وهو الطارق، وقوله { النجم الثاقب } بيان للطارق والجملة في معنى جواب استفهام مقدَّر كأنه لما قيل وما أدراك ما الطارق؟ سئل فقيل فما هو الطارق؟ فأجيب، وقيل النجم الثاقب. قوله تعالى { إن كل نفس لما عليها حافظ } جواب للقسم ولما بمعنى إلا والمعنى ما من نفس إلا عليها حافظ، والمراد من قيام الحافظ على حفظها كتابة أعمالها الحسنة والسيئة على ما صدرت منها ليحاسب عليها يوم القيامة ويجزى بها فالحافظ هو الملك والمحفوظ العمل كما قال تعالىوإن عليكم لحافظين كراماً كاتبين يعلمون ما تفعلون } الإنفطار 10-12. ولا يبعد أن يكون المراد من حفظ النفس حفظ ذاتها وأعمالها، والمراد بالحافظ جنسه فتفيد أن النفوس محفوظة لا تبطل بالموت ولا تفسد حتى إذا أحيا الله الأبدان أرجع النفوس إليها فكان الإِنسان هو الإِنسان الدنيوي بعينه وشخصه ثم يجزيه بما تقتضيه أعماله المحفوظة عليه من خير أو شر. ويؤيد ذلك كثير من الآيات الدالة على حفظ الأشياء كقوله تعالىقل يتوفاكم ملك الموت الذي وكّل بكم } السجدة 11 وقولهالله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت } الزمر 42. ولا ينافي هذا الوجه ظاهر آية الانفطار السابقة من أن حفظ الملائكة هو الكتابة فإن حفظ نفس الإِنسان أيضاً من الكتابة على ما يستفاد من قولهإنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون } الجاثية 29 وقد تقدمت الإِشارة إليه. ويندفع بهذا الوجه الاعتراض على ما استدل به على المعاد من إطلاق القدرة كما سيجيء، ومحصله أن إطلاق القدرة إنما ينفع فيما كان ممكناً لكن إعادة الإِنسان بعينه محال فإن الإِنسان المخلوق ثانياً مثل الانسان الدنيوي المخلوق أولاً لا شخصه الذي خلق أولاً ومثل الشيء غير الشيء لا عينه.

السابقالتالي
2 3 4