الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلْبُرُوجِ } * { وَٱلْيَوْمِ ٱلْمَوْعُودِ } * { وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ } * { قُتِلَ أَصْحَابُ ٱلأُخْدُودِ } * { ٱلنَّارِ ذَاتِ ٱلْوَقُودِ } * { إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ } * { وَهُمْ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ } * { وَمَا نَقَمُواْ مِنْهُمْ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ } * { ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ فَتَنُواْ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُواْ فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ ٱلْحَرِيقِ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ ذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْكَبِيرُ } * { إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ } * { إِنَّهُ هُوَ يُبْدِىءُ وَيُعِيدُ } * { وَهُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلْوَدُودُ } * { ذُو ٱلْعَرْشِ ٱلْمَجِيدُ } * { فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ } * { هَلُ أَتَاكَ حَدِيثُ ٱلْجُنُودِ } * { فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ } * { بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي تَكْذِيبٍ } * { وَٱللَّهُ مِن وَرَآئِهِمْ مُّحِيطٌ } * { بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ } * { فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ }

بيان سورة إنذار وتبشير فيها وعيد شديد للذين يفتنون المؤمنين والمؤمنات لإِيمانهم بالله كما كان المشركون من أهل مكة يفعلون ذلك بالذين آمنوا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم فيعذبونهم ليرجعوا إلى شركهم السابق فمنهم من كان يصبر ولا يرجع بلغ الأمر ما بلغ، ومنهم من رجع وارتد وهم ضعفاء الإِيمان كما يشير إلى ذلك قوله تعالىومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله } العنكبوت 10، وقولهومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه } الحج 11. وقد قدم سبحانه على ذلك الاشارة إلى قصة أصحاب الاخدود، وفيه تحريض المؤمنين على الصبر في جنب الله تعالى، وأتبعها بالإِشارة إلى حديث الجنود فرعون وثمود وفيه تطييب لنفس النبي صلى الله عليه وآله وسلم بوعد النصر وتهديد للمشركين. والسورة مكية بشهادة سياق آياتها. قوله تعالى { والسماء ذات البروج } البروج جمع برج وهو الأمر الظاهر ويغلب استعماله في القصر العالي لظهوره على الناظرين ويسمى البناء المعمول على سور البلد للدفاع برجاً وهو المراد في الآية لقوله تعالىولقد جعلنا في السماء بروجاً وزيَّناها للناظرين وحفظناها من كل شيطان رجيم } الحجر 16-17، فالمراد بالبروج مواضع الكواكب من السماء. وبذلك يظهر أن تفسير البروج بالبروج الاثني عشر المصطلح عليها في علم النجوم غير سديد. وفي الآية إقسام بالسماء المحفوظة بالبروج، ولا يخفى مناسبته لما سيشار إليه من القصة ثم الوعيد والوعد وسنشير إليه. قوله تعالى { واليوم الموعود } عطف على السماء وإقسام باليوم الموعود وهو يوم القيامة الذي وعد الله القضاء فيه بين عباده. قوله تعالى { وشاهد ومشهود } معطوفان على السماء والجميع قسم بعد قسم على ما أريد بيانه في السورة وهو - كما تقدمت الإِشارة إليه - الوعيد الشديد لمن يفتن المؤمنين والمؤمنات لايمانهم والوعد الجميل لمن آمن وعمل صالحاً. فكأنه قيل اقسم بالسماء ذات البروج التي يدفع الله بها عنها الشياطين إن الله يدفع عن إيمان المؤمنين كيد الشياطين وأوليائهم من الكافرين، وأقسم باليوم الموعود الذي يجزى فيه الناس بأعمالهم، وأُقسم بشاهد يشهد ويعاين أعمال أولئك الكفار وما يفعلونه بالمؤمنين لإِيمانهم بالله وأقسم بمشهود سيشهده الكل ويعاينونه إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات، إلى آخر الآيتين. ومن هنا يظهر أن الشهادة في { شاهد } و { مشهود } بمعنى واحد وهو المعاينة بالحضور، على أنها لو كانت بمعنى تأدية الشهادة لكان حق التعبير ومشهود عليه لأنها بهذا المعنى إنما تتعدى بعلى. وعلى هذا يقبل { شاهد } الانطباق على النبي صلى الله عليه وآله وسلم لشهادته أعمال أمته ثم يشهد عليها يوم القيامة، ويقبل { مشهود } الانطباق على تعذيب الكفار لهؤلاء المؤمنين وما فعلوا بهم من الفتنة وإن شئت فقل على جزائه وإن شئت فقل على ما يقع يوم القيامة من العقاب والثواب لهؤلاء الظالمين والمظلومين، وتنكير { مشهود } و { وشاهد } على أي حال للتفخيم.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8