الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتْ } * { وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ } * { وَإِذَا ٱلأَرْضُ مُدَّتْ } * { وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ } * { وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ } * { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاَقِيهِ } * { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ } * { فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً } * { وَيَنقَلِبُ إِلَىٰ أَهْلِهِ مَسْرُوراً } * { وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَٰبَهُ وَرَآءَ ظَهْرِهِ } * { فَسَوْفَ يَدْعُواْ ثُبُوراً } * { وَيَصْلَىٰ سَعِيراً } * { إِنَّهُ كَانَ فِيۤ أَهْلِهِ مَسْرُوراً } * { إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ } * { بَلَىٰ إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً } * { فَلاَ أُقْسِمُ بِٱلشَّفَقِ } * { وَٱللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ } * { وَٱلْقَمَرِ إِذَا ٱتَّسَقَ } * { لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبقٍ } * { فَمَا لَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } * { وَإِذَا قُرِىءَ عَلَيْهِمُ ٱلْقُرْآنُ لاَ يَسْجُدُونَ } * { بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُكَذِّبُونَ } * { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ } * { فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } * { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ }

بيان تشير السورة إلى قيام الساعة، وتذكر أن للإِنسان سيراً إلى ربه حتى يلاقيه فيحاسب على ما يقتضيه كتابه وتؤكد القول في ذلك والغلبة فيها للانذار على التبشير. وسياق آياتها سياق مكي. قوله تعالى { إذا السماء انشقت } شرط جزاؤه محذوف يدل عليه قوله { يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه } والتقدير لاقى الإِنسان ربه فحاسبه وجازاه على ما عمل. وانشقاق السماء وهو تصدعه وانفراجه من أشراط الساعة كمد الأرض وسائر ما ذكر في مواضع من كلامه تعالى من تكوير الشمس واجتماع الشمس والقمر وانتثار الكواكب ونحوها. قوله تعالى { وأذنت لربها وحقَّت } الإِذن الاستماع ومنه الاذن لجارحة السمع وهو مجاز عن الانقياد والطاعة، و { حقت } أي جعلت حقيقة وجديرة بأن تسمع، والمعنى وأطاعت وانقادت لربها وكانت حقيقة وجديرة بأن تستمع وتطيع. قوله تعالى { وإذا الأرض مدّت } الظاهر أن المراد به إتساع الأرض، وقد قال تعالىيوم تبدّل الأرض غير الأرض } إبراهيم 48. قوله تعالى { وألقت ما فيها وتخلَّت } أي ألقت الأرض ما في جوفها من الموتى وبالغت في الخلو مما فيها منهم. وقيل المراد إلقائها الموتى والكنوز كما قال تعالىوأخرجت الأرض أثقالها } الزلزلة 2. وقيل المعنى ألقت ما في بطنها وتخلت مما على ظهرها من الجبال والبحار، ولعل أول الوجوه أقربها. قوله تعالى { وأذنت لربها وحقت } ضمائر التأنيث للأرض كما أنها في نظيرتها المتقدمة للسماء، وقد تقدم معنى الآية. قوله تعالى { يا أيها الإِنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه } قال الراغب الكدح السعي والعناء. انتهى. ففيه معنى السير، وقيل الكدح جهد النفس في العمل حتى يؤثر فيها انتهى. وعلى هذا فهو مضمن معنى السير بدليل تعديه بإلى ففي الكدح معنى السير على أي حال. وقوله { فملاقيه } عطف على { كادح } وقد بين به أن غاية هذا السير والسعي والعناء هو الله سبحانه بما أن له الربوبية أي إن الانسان بما أنه عبد مربوب ومملوك مدبر ساع إلى الله سبحانه بما أنه ربه ومالكه المدبر لأمره فإن العبد لا يملك لنفسه إرادة ولا عملاً فعليه أن يريد ولا يعمل إلا ما أراده ربه ومولاه وأمره به فهو مسؤول عن إرادته وعمله. ومن هنا يظهر أولاً أن قوله { إنك كادح إلى ربك } يتضمن حجة على المعاد لما عرفت أن الربوبية لا تتم إلا مع عبودية ولا تتم العبودية إلا مع مسؤولية ولا تتم مسؤولية إلا برجوع وحساب على الأعمال ولا يتم حساب إلا بجزاء. وثانياً أن المراد بملاقاته انتهاؤه إلى حيث لا حكم إلا حكمه من غير أن يحجبه عن ربه حاجب. وثالثاً أن المخاطب في الآية هو الإِنسان بما أنه إنسان فالمراد به الجنس وذلك أن الربوبية عامة لكل إنسان.

السابقالتالي
2 3 4 5