الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْكَوَاكِبُ ٱنتَثَرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ فُجِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْقُبُورُ بُعْثِرَتْ } * { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ } * { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ } * { ٱلَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ } * { فِيۤ أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ } * { كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِٱلدِّينِ } * { وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ } * { كِرَاماً كَاتِبِينَ } * { يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ } * { إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ } * { وَإِنَّ ٱلْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ } * { يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ ٱلدِّينِ } * { وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَآئِبِينَ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلدِّينِ } * { ثُمَّ مَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلدِّينِ } * { يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَٱلأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ }

بيان تحدُّ السورة يوم القيامة ببعض أشراطه الملازمة له المتصلة به وتصفه بما يقع فيه وهو ذكر الانسان ما قدم وما أخر من أعماله الحسنة والسيئة - على أنها محفوظة عليه بواسطة حفظة الملائكة الموكلين عليه - وجزاؤه بعمله إن كان براً فبنعيم وإن كان فاجراً مكذباً بيوم الدين فبجحيم يصلاها مخلداً فيها. ثم يستأنف وصف اليوم بأنه يوم لا يملك نفس لنفس شيئاً والأمر يومئذ لله، وهي من غرر الآيات، والسورة مكية بلا كلام. قوله تعالى { إذا السماء انفطرت } الفطر الشق والانفطار الانشقاق والآية كقولهوانشقت السماء فهي يومئذ واهية } الحاقة 16. قوله تعالى { إذا الكواكب انتثرت } أي تفرّقت بتركها مواضعها التي ركزت فيها شبهت الكواكب بلآلي منظومة قطع سلكها فانتثرت وتفرقت. قوله تعالى { وإذا البحار فجّرت } قال في المجمع التفجير خرق بعض مواضع الماء إلى بعض التكثير، ومنه الفجور لانخراق صاحبه بالخروج إلى كثير من الذنوب، ومنه الفجر لانفجاره بالضياء، انتهى. وإليه يرجع تفسيرهم لتفجير البحار بفتح بعضها في بعض حتى يزول الحائل ويختلط العذب منها والمالح ويعود بحراً واحداً، وهذا المعنى يناسب تفسير قولهوإذا البحار سجِّرت } التكوير 6 بامتلاء البحار. قوله تعالى { وإذا القبور بعثرت } قال في المجمع بعثرت الحوض وبحثرته إذا جعلت أسفله أعلاه، والبعثرة والبحثرة إثاره الشيء بقلب باطنه إلى ظاهره، انتهى. فالمعنى وإذا قلب تراب القبور وأُثير باطنها إلى ظاهرها لإِخراج الموتى وبعثهم للجزاء. قوله تعالى { علمت نفس ما قدَّمت وأخَّرت } المراد بالعلم علمها التفصيلي بأعمالها التي عملتها في الدنيا، وهذا غير ما يحصل لها من العلم بنشر كتاب أعمالها لظاهر قوله تعالىبل الإِنسان على نفسه بصيرة * ولو ألقى معاذيره } القيامة 14-15 وقولهيوم يتذكر الإِنسان ما سعى } الفجر 23، وقولهيوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً وما عملت من سوء } آل عمران 30. والمراد بالنفس جنسها فتفيد الشمول، والمراد بما قدمت وما أخرت هو ما قدمته مما عملته في حياتها، وبما أخرت ما سنته من سنَّة حسنة أو سيئة فعملت بها بعد موتها فتكتب صحيفة عملها قال تعالىونكتب ما قدَّموا وآثارهم } يس 12. وقيل المراد بما قدمت وأخرت ما عملته في أول العمر وما عملته في آخره فيكون كناية عن الاستقصاء. وقيل في معنى التقديم والتأخير وجوه أُخر لا يعبأ بها مذكورة في مطوَّلات التفاسير من أراد الوقوف عليها فليراجعها. وقد تقدم في تفسير قوله تعالىليميز الله الخبيث من الطيب } الأنفال 37 كلام لا يخلو من نفع ها هنا. قوله تعالى { يا أيها الإِنسان ما غرَّك بربك الكريم } إلى قوله { ركَّبك } عتاب وتوبيخ للإِنسان، والمراد بهذا الانسان المكذب ليوم الدين - على ما يفيده السياق المشتمل على قوله { بل تكذِّبون بيوم الدين } وفي تكذيب يوم الدين كفر وإنكار لتشريع الدين وفي إنكاره إنكار لربوبيَّة الرب تعالى، وإنما وجه الخطاب إليه بما أنه إنسان ليكون حجة أو كالحجة لثبوت الخصال التي يذكرها من نعمه عليه المختصة من حيث المجموع بالإِنسان.

السابقالتالي
2 3 4 5