الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذَا ٱلشَّمْسُ كُوِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلنُّجُومُ ٱنكَدَرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْجِبَالُ سُيِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْعِشَارُ عُطِّلَتْ } * { وَإِذَا ٱلْوُحُوشُ حُشِرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ سُجِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوِّجَتْ } * { وَإِذَا ٱلْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ } * { بِأَىِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ } * { وَإِذَا ٱلصُّحُفُ نُشِرَتْ } * { وَإِذَا ٱلسَّمَآءُ كُشِطَتْ } * { وَإِذَا ٱلْجَحِيمُ سُعِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ } * { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّآ أَحْضَرَتْ }

بيان تذكر السورة يوم القيامة بذكر بعض أشراطها وما يقع فيها وتصفه بأنه يوم ينكشف فيه للإِنسان ما عمله من عمل ثم تصف القرآن بأنه مما ألقاه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم رسول سماوي وهو ملك الوحي وليس بإلقاء شيطاني ولا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مجنون يمسه الشيطان. ويشبه أن تكون السورة من السور العتائق النازلة في أوائل البعثة كما يشهد به ما فيها من تنزيهه صلى الله عليه وآله وسلم مما رموه به من الجنون وقد اتهموه به في أوائل الدعوة وقد اشتملت على تنزيهه منه سورة " ن " وهي من العتائق. والسورة مكية بلا كلام. قوله تعالى { إذا الشمس كوّرت } التكوير اللف على طريق الإِدارة كلف العمامة على الرأس، ولعل المراد بتكوير الشمس انظلام جرمها على نحو الإِحاطة استعارة. قوله تعالى { وإذا النجوم انكدرت } انكدار الطائر من الهواء انقضاضه نحو الأرض، وعليه فالمراد سقوط النجوم كما يفيده قولهوإذا الكواكب انتثرت } الإنفطار 2 ويمكن أن يكون من الانكدار بمعنى التغيُّر وقبول الكدورة فيكون المراد به ذهاب ضوئها. قوله تعالى { وإذا الجبال سيِّرت } بما يصيبها من زلزلت الساعة التسيير فتندك وتكون هباء منبثاً وتصير سراباً على ما ذكره سبحانه في مواضع من كلامه. قوله تعالى { وإذا العشار عطِّلت } قيل العشار جمع عشراء كالنفاس جمع نفساء وهي الناقة الحامل التي أتت عليها عشرة أشهر فتسمى عشراء حتى تضع حملها وربما سميت عشراء بعد الوضع أيضاً وهي من أنفس المال عند العرب. وتعطيل العشار تركها مهملة لا راعي لها ولا حافظ يحفظها وكأن في الجملة إشارة على نحو الكناية إلى أن نفائس الأموال التي يتنافس فيها الانسان تبقى اليوم ولا صاحب لها يتملكها ويتصرف فيها لأنهم مشغولون بأنفسهم عن كل شيء كما قاللكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه } عبس 37. قوله تعالى { وإذا الوحوش حشرت } الوحوش جمع وحش وهو من الحيوان ما لا يتأنَّس بالإِنسان كالسباع وغيرها. وظاهر الآية من حيث وقوعها في سياق الآيات الواصفة ليوم القيامة أن الوحوش محشورة كالإِنسان، ويؤيده قوله تعالىوما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أُمم أمثالكم ما فرّطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون } الأنعام 38. وأما تفصيل حالها بعد الحشر وما يؤول إليه أمرها فلم يرد في كلامه تعالى ولا فيما يعتمد عليه من الاخبار ما يكشف عن ذلك نعم ربما استفيد من قوله في آية الأنعام { أُمم أمثالكم } ، وقوله { ما فرّطنا في الكتاب من شيء } بعض ما يتضح به الحال في الجملة لا يخفى على الناقد المتدبر، وربما قيل إن حشر الوحوش من أشراط الساعة لا مما يقع يوم القيامة والمراد به خروجها من غاباتها وأكنانها.

السابقالتالي
2