الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱعْلَمُوۤا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِٱللَّهِ وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ ٱلْفُرْقَانِ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { إِذْ أَنتُمْ بِالْعُدْوَةِ ٱلدُّنْيَا وَهُم بِٱلْعُدْوَةِ ٱلْقُصْوَىٰ وَٱلرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ لاَخْتَلَفْتُمْ فِي ٱلْمِيعَادِ وَلَـٰكِن لِّيَقْضِيَ ٱللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { إِذْ يُرِيكَهُمُ ٱللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي ٱلأَمْرِ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } * { وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ ٱلْتَقَيْتُمْ فِيۤ أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِيۤ أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ ٱللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَٱثْبُتُواْ وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ } * { وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَٱصْبِرُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّابِرِينَ } * { وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَراً وَرِئَآءَ ٱلنَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ } * { وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ ٱلْيَوْمَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَآءَتِ ٱلْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّنْكُمْ إِنَّيۤ أَرَىٰ مَا لاَ تَرَوْنَ إِنَّيۤ أَخَافُ ٱللَّهَ وَٱللَّهُ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } * { إِذْ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَـٰؤُلاۤءِ دِينُهُمْ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } * { وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ يَتَوَفَّى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلْمَلاۤئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ } * { ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّٰمٍ لِّلْعَبِيدِ } * { كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } * { ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَآ آلَ فِرْعَونَ وَكُلٌّ كَانُواْ ظَالِمِينَ }

بيان تشتمل الآيات على الأمر بتخميس الغنائم وبالثبات عند اللقاء وتذكرهم، وتقصُّ عليهم بعض ما نكب الله به أعداء الدين وأخزاهم بالمكر الإِلهي، وأجرى فيهم سنَّة آل فرعون ومن قبلهم من المكذبين لآيات الله الصادين عن سبيله. قوله تعالى { واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول } إلى آخر الآية. الغنم والغنيمة إصابة الفائدة من جهة تجارة أو عمل أو حرب وينطبق بحسب مورد نزول الآية على غنيمة الحرب، قال الراغب الغنم - بفتحتين - معروف قال ومن البقر والغنم ما حرمنا عليهم شحومهما، والغنم - بالضم فالسكون - إصابته والظفر به ثم استعمل في كل مظفور به من جهة العدى وغيرهم قال واعلموا أنما غنمتم من شيء، فكلوا مما غنمتم حلالاً طيباً. والمغنم ما يغنم وجمعه مغانم قال فعند الله مغانم كثيرة، انتهى. وذو القربى القريب والمراد به قرابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو خصوص أشخاص منهم على ما يفسره الآثار القطعية، واليتيم هو الإِنسان الذي مات أبوه وهو صغير، قالوا كل حيوان يتيم من قِبل أمه إلا الإِنسان فإن يتمه من قِبل أبيه. وقوله { فأن لله خمسه } الخ قرئ بفتح أن، ويمكن أن يكون بتقدير حرف الجرّ والتقدير واعلموا أن ما غنمتم من شيء فعلى أن لله خمسه أي هو واقع على هذا الأساس محكوم به، ويمكن أن يكون بالعطف على أن الأولى، وحذف خبر الأولى لدلالة الكلام عليه، والتقدير اعلموا أن ما غنمتم من شيء يجب قسمته فاعلموا أن خمسه لله، أو يكون الفاء لاستشمام معنى الشرط فإن مآل المعنى إلى نحو قولنا إن غنمتم شيئاً فخمسه لله الخ فالفاء من قبيل فاء الجزاء، وكرر أن للتأكيد، والأصل اعلموا أن ما غنمتم من شيء أن خمسه لله الخ، والأصل الذي تعلق به العلم هو ما غنمتم من شيء خمسه لله وللرسول الخ، وقد قدم لفظ الجلالة للتعظيم. وقوله { إن كنتم آمنتم بالله } الخ قيد للأمر الذي يدل عليه صدر الآية أي أدوا خمسه إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا، وربما قيل إنه متصل بقوله تعالى في الآية السابقة { فاعلموا أن الله هو مولاكم } هذا والسياق الذي يتم بحيلولة قوله { واعلموا أنما غنمتم من شيء } الخ لا يلائم ذلك. وقوله تعالى { وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان } الظاهر أن المراد به القرآن بقرينة تخصيص النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالإِنزال، ولو كان المراد به الملائكة المنزلون يوم بدر - كما قيل - لكان الأنسب أولاً أن يقال ومن أنزلنا على عبدنا، أو ما يؤدي هذا المعنى وثانياً أن يقال عليكم لا على عبدنا فإن الملائكة كما أُنزلت لنصرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أُنزلت لنصرة المؤمنين معه كما يدل عليه قوله

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد