الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ قُلِ ٱلأَنفَالُ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } * { إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ ءَايَٰتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَٰناً وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } * { ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } * { أُوْلۤـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } * { كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ } * { يُجَادِلُونَكَ فِي ٱلْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى ٱلْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ }

بيان سياق الآيات في السورة يعطي أنّها مدنيّة نزلت بعد وقعة بدر، وهي تقص بعض أخبار بدر، وتذكر مسائل متفرّقة تتعلّق بالجهاد والغنائم والأنفال ونحوها، وأُموراً أُخرى تتعلّق بالهجرة، وبها تختتم السورة. قوله تعالى { يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول } إلى آخر الآية. الأنفال جمع نفل بالفتح وهو الزيادة على الشيء، ولذا يطلق النفل والنافلة على التطوّع لزيادته على الفريضة، وتطلق الأنفال على ما يسمّى فيئاً أيضاً وهي الأشياء من الأموال التي لا مالك لها من الناس كرؤوس الجبال، وبطون الأودية، والديار الخربة، والقرى التي باد أهلها، وتركة من لا وارث له، وغير ذلك كأنها زيادة على ما ملكه الناس فلم يملكها أحد وهي لله ولرسوله، وتطلق على غنائم الحرب كأنها زيادة على ما قصد منها فإن المقصود بالحرب والغزوة الظفر على الأعداء واستئصالهم فإذا غلبوا وظفر بهم فقد حصل المقصود، والأموال التي غنمه المقاتلون والقوم الذين أسروهم زيادة على أصل الغرض. و " ذات " في الأصل مؤنّث { ذا } بمعنى الصاحب من الألفاظ اللازمة الإِضافة غير أنه كثر استعماله في نفس الشيء بمعنى ما به الشيء هو هو فيقال ذات الإِنسان أي ما به الإِنسان إنسان، وذات زيد أي النفس الإِنسانية الخاصة التي سمّيت بزيد، وكأن الأصل فيها النفس ذات أعمال كذا ثم أُفردت بالذكر فقيل ذات الأعمال أو ما يؤدّي مودّاه ثم قيل ذات، وكذلك الأمر في ذات البين فلكون الخصومة لا تتحقق إلا بين طرفين نسب إليها البين فقيل ذات البين أي الخالة والرابطة السيئة التي هي صاحبة البين فالمراد بقوله { أصلحوا ذات بينكم } أي أصلحوا الحالة الفاسدة والرابطة السيئة التي بينكم. وقال الراغب في المفردات " ذو " على وجهين أحدهما يتوصل به إلى الوصف بأسماء الأجناس والأنواع، ويضاف إلى الظاهر دون المضمر، ويثنى ويجمع، ويقال في التثنية ذواتا، وفي الجمع ذوات، ولا يستعمل شيء منها إلا مضافاً. قال وقد استعار أصحاب المعاني الذات فجعلوه عبارة عن عين الشيء جوهراً كان أو عرضاً، واستعملوها مفردة ومضافة إلى المضمر وبالألف واللام، وأجروها مجرى النفس والخاصة فقالوا ذاته ونفسه وخاصته، وليس ذلك من كلام العرب، والثاني في لفظ ذو لغة لطيّئ يستعملونه استعمال " الذي " ويجعل في الرفع والنصب والجرّ والجمع والتأنيث على لفظ واحد نحو وبئري ذو حفرت وذو طويت أي التي حفرت والتي طويت. انتهى. والذي ذكره من عدم إضافته إلى الضمير منقول عن الفرّاء، ولازمه كون استعماله مضافاً إلى الضمير من كلام المولّدين والحق أنه قليل لا متروك، وقد وقع في كلام عليّ عليه السلام في بعض خطبه كما في نهج البلاغة.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9