الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ يَعِدُكُمُ ٱللَّهُ إِحْدَى ٱلطَّآئِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ ٱلشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ ٱلْكَافِرِينَ } * { لِيُحِقَّ ٱلْحَقَّ وَيُبْطِلَ ٱلْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُجْرِمُونَ } * { إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَٱسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُرْدِفِينَ } * { وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } * { إِذْ يُغَشِّيكُمُ ٱلنُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن ٱلسَّمَآءِ مَآءً لِّيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ ٱلشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ ٱلأَقْدَامَ } * { إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى ٱلْمَلاۤئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ فَٱضْرِبُواْ فَوْقَ ٱلأَعْنَاقِ وَٱضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ } * { ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِقِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } * { ذٰلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ ٱلنَّارِ }

بيان تشير الآيات إلى قصة بدر، وهي أول غزوة في الإِسلام، وظاهر سياق الآيات أنها نزلت بعد انقضائها على ما سيتَّضح. قوله تعالى { وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودّون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين } أي واذكروا إذ يعدكم الله، وهو بيان منن الله وعدَّ نعمه عليهم ليكونوا على بصيرة من الله سبحانه لا يستقبلهم بأمر ولا يأتيهم بحكم إلا بالحق وفيه حفظ مصالحهم وإسعاد جدّهم فلا يختلفوا فيما بينهم، ولا يكرهوا ما يختاره لهم، ويكلوا أمرهم إليه فيطيعوه ورسوله. والمراد بالطائفتين العير والنفير، والعير قافلة قريش وفيها تجارتهم وأموالهم وكان عليها أربعون رجلاً منهم أبو سفيان بن حرب، والنفير جيش قريش وهم زهاء ألف رجل. وقوله { إحدى الطائفتين } مفعول ثان لقوله { يعدكم } وقوله { أنها لكم } بدل منه وقوله { وتودّون } الآية في موضع الحال، والمراد بغير ذات الشوكة الطائفة غير ذات الشوكة وهي البعير الذي كان أقل عِدّة وعُدّة من النفير، والشوكة الحدّة، استعارة من الشوك. وقوله { ويريد الله أن يحق الحق بكلماته } في موضع الحال، والمراد بإحقاق الحق إظهاره وإثباته بترتيب آثاره عليه، وكلمات الله هي ما قضى به من نصرة أنبيائه وإظهار دينه الحق، قال تعالىولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إِنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون } الصافات 171-173 وقال تعالىيريدون ليطفؤا نور الله بأفواههم والله متمّ نوره ولو كره الكافرون هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون } الصف 8-9. وقرئ { بكلمته } وهو أوجه وأقرب والدابر ما يأتي بعد الشيء مما يتعلق به ويتصل إليه وقطع دابر الشيء، كناية عن إفنائه واستئصاله بحيث لا يبقى بعده شيء من آثاره المتفرعة عليه المرتبطة به. ومعنى الآية واذكروا إذ يعدكم الله أن إحدى الطائفتين لكم تستعلون عليها ببصر الله إمَّا العير وإما النفير وأنتم تودون أن تكون تلك الطائفة هي العير لما تعلمون من شوكة النفير، وقوتهم وشدتهم، مع ما لكم من الضعف والهوان، والحال أن الله يريد خلاف ذلك وهو أن تلاقوا النفير فيظهركم عليهم ويظهر ما قضى ظهوره من الحق، ويستأصل الكافرين ويقطع دابرهم. قوله تعالى { ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون } ظاهر السياق أن اللام للغاية، وقوله { ليحق } الآية متعلق بقوله { يعدكم الله } أي إنما وعدكم الله ذلك وهو لا يخلف الميعاد ليحق بذلك الحق ويبطل الباطل ولو كان المجرمون يكرهونه ولا يريدونه. وبذلك يظهر أن قوله { ليحق الحق } الآية ليس تكراراً لقوله { ويريد الله أن يحق الحق بكلماته } وإن كان في معناه.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد